الرئيسية > محلية > الإدارة الأميركية تترك اليمن لمصيره على الطريقة العراقية وتشيد بجهود الحوثيين

الإدارة الأميركية تترك اليمن لمصيره على الطريقة العراقية وتشيد بجهود الحوثيين

الإدارة الأميركية تترك اليمن لمصيره على الطريقة العراقية وتشيد بجهود الحوثيين

نُقل عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «الحوثيين ملتزمون أكثر من غالبية القوات اليمنية بمحاربة القاعدة». هل هذا الكلام يفسر أبعاد موقف واشنطن من أحداث اليمن وانسحابها من ساحته؟ ثم هل هذا الانسحاب هو نسخة معدّلة عن السيناريو العراقي من حيث غضّ النظر عن استيلاء فريق على اليمن وحلوله محل جيشه، مقابل نهوضه بمهمة مقاتلة القاعدة وغيرها على ساحته؟.

غير مستبعد. أو على الأقل هناك أوجه شبه كثيرة بالرغم من تعقيدات الأزمة اليمنية وتشابك عواملها وجوانبها المحلية والإقليمية.

لا شك أن تدهور الأوضاع الأمنية وحالة شبه الانهيار المتفاقمة، من شأنهما أن يحملا على المغادرة. لكن الخلفية فضلاً عن الأهمية التي تعطيها واشنطن للساحة اليمنية في مواجهتها للإرهاب، تطرح أسئلة حول تركها التدريجي المنظم لهذه الساحة.

فمنذ بداية الانقضاض الحوثي على العاصمة صنعاء وعلى الدولة ورموزها ومؤسساتها، اتسم الموقف الأميركي بالتساهل مع الهجمة. بقي في دائرة اللون الرمادي وكأنه أراد التمويه على حقيقته. من جهة دأبت الإدارة على القول بأنها ما زالت تعترف بشرعية الرئيس هادي بعد إرغامه على مغادرة القصر الجمهوري. ومن جهة ثانية رفضت إدراج ما جرى في خانة الانقلاب غير الشرعي ضدّه. اعتباره في هذه المنزلة يرتب إدانة العملية ورفض التعامل مع الجهة الفاعلة.

وهذا ما نأت عنه واشنطن. بدلاً من ذلك اكتفت بالدعوة إلى الحوار بين الأطراف المعنية. غابت أو جرى تغييب عملية الاستيلاء على الحكم بالقوة. أعقب ذلك التلويح بإغلاق السفارة. ثم حصل الإغلاق. وأول من أمس جرى سحب 125 خبيراً عسكرياً أميركياً من قاعدة قرب عدن، لاعتبارات أمنية منها أن القاعدة باتت على مسافة عشرين ميلاً فقط من آخر موقع احتلته القاعدة، كما قيل.

أيضاً منذ بداية مطاردة القاعدة هناك بالتعاون مع السلطات الرسمية وواشنطن تشيد بأهمية الدور الذي تلعبه الحكومة اليمنية وبصدقية تعاونها معها كونها وفّرت لواشنطن قاعدة لجمع المعلومات الاستخباراتية والقيام بالعمليات العسكرية والتدريبية التي ساهمت في إحباط عدة عمليات إرهابية كان مخططا لها أن تنطلق من اليمن، ما حمل الإدارة على الإشادة أكثر من مرة بنجاح تجربة التعاون مع صنعاء. كل هذه المحاسن والإيجابيات تبخرت سيرتها في الآونة الأخيرة. مصادر الإدارة تسرّب ما يفيد بأن واشنطن منيت بنكسة أخرى في معركتها ضد الإرهاب بانسحابها من اليمن، في وقت تتعثر فيه المواجهات مع تنظيم داعش في العراق وسوريا وليبيا وتونس.

ترك للمصير

لكن ظروف الأزمة اليمنية مختلفة. وهذا اختلاف يطرح أسئلة: هل كان بالإمكان المساعدة على وقف الزحف الحوثي؟ ولماذا كان التراخي من الأساس مع هذا الزحف وعدم اتخاذ موقف حازم من لا شرعيته؟ ثم لماذا تقزّم اجتماع مجلس الأمن الأخير بحيث جرى الاكتفاء بصدور بيان عنه بدلاً من قرار ملزم؟ هل هناك تفسير آخر غير انه جرى ترك البلد لقوى الأمر الواقع والابتعاد عنه بذريعة أنه دخل في نفق الحرب الأهلية ليكون بالنهاية عراقاً آخر من حيث السيطرة على قراره؟

اليمن مثل غيره من الساحات المتفجرة في المنطقة، جرى قذفه في بازار البيع والمقايضة الجاري على انقاض أزماته. الحديث عنه في واشنطن، خارج عملية الانسحاب باهت بالرغم من خطورة التطورات. وكأن الأمر لم يعد يثير الاهتمام طالما ان وجهة الأوضاع تحددت وطالما أن طائرات «درون» بلا طيار تقوم بطلعاتها فوق المناطق اليمنية. الباقي متروك للحوثيين ليضطلعوا به باعتبار أنهم عازمون أكثر من غيرهم على مقاتلة القاعدة. الميليشيات في العراق والحوثيون في اليمن. وفي الحالتين لا بد من ثمن للوكيل والموكّل.

 

 

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)