من سيقود تنظيم «القاعدة» الإرهابي ويخلف قائده أيمن الظواهري، عقب مقتله في غارة أميركية نُفذت السبت الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011، خبراء مصريون أشاروا إلى نمو فرص محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان، المعروف بسيف العدل، وأبو عبد الرحمن المغربي صهر الظواهري، لقيادة الـتنظيم.
والظواهري (71 عاماً) تولى زعامة «القاعدة» عام 2011 خلفاً لأسامة بن لادن، كما تولى قيادة «الجهاد» في مصر. ورصدت واشنطن في وقت سابق مكافأة تقدر بـ25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر لـ«الشرق الأوسط»، إن «سيف العدل، هو أبرز المرشحين لخلافة الظواهري، خصوصاً أنه تولى المسؤولية بشكل مؤقت عند وفاة بن لادن»، مضيفاً أن «سيف العدل يرجح بشكل كبير أنه موجود في إيران»، لافتاً إلى أن «هناك فرصاً أخرى لعبد الرحمن المغربي، وهو صهر الظواهري». ووفق تقارير الأمم المتحدة، يُعتقد أن سيف العدل موجود في إيران.
وحسب مراقبين وخبراء، فإن «سيف العدل من مواليد محافظة الشرقية بدلتا مصر، وهو ضابط سابق، انضم إلى جماعة (الجهاد)، وتم توقيفه في مصر مطلع مايو (أيار) 1987 على خلفية قضية إعادة تشكيل (تنظيم الجهاد)». وخرج «سيف العدل من مصر في نهاية الثمانينيات إلى أفغانستان، وانضم إلى (القاعدة) على غرار الظواهري، وهناك تولى مهام قتالية وتدريبية عالية وارتبط بالظواهري وبن لادن، وبعد عام 1993 توجه إلى إيران، وتم توقيفه هناك في عام 2003».
ويرى المراقبون والخبراء أن «سيف العدل لعب دوراً جوهرياً في بناء قدرات تنظيم (القاعدة) لتنفيذ مهمات بأفغانستان، وفي توجيه المجموعات القتالية لاختيار أماكن جديدة بعيداً عن أفغانستان».
وتتهم واشنطن، سيف العدل، بإنشاء معسكرات تدريب في السودان والصومال وأفغانستان، وبالضلوع في تفجيري سفارتيها في نيروبي ودار السلام عام 1998، كما قام بإعداد بعض خاطفي الطائرات في هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وظهر على قائمة الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي... وعرضت واشنطن في وقت سابق مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله.
أما المغربي، وهو رئيس اللجنة الإعلامية في «القاعدة»، وقيادي بارز في التنظيم، لديه قدرات في «فنون التخفي والتمويه»، حسب الخبراء.
المراقبون والخبراء أيضاً رشحوا أسماء أخرى قليلة لقيادة التنظيم، لكن بفرص أقل، وهم أبو عبيدة يوسف العنابي أو مبارك يزيد، وهو جهادي جزائري، والأمير الحالي لتنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب، وأيضاً أحمد عمر، المعروف باسم «أبو عبيدة الصومالي»، وهناك كذلك عمر ديري، أمير حركة «الشباب» الصومالية.
يشار إلى أنه رغم أن التنظيم فقد قيادات بارزة، خلال العقدين الماضيين منذ هجمات نيويورك وواشنطن، ظلت له أفرع نشطة من الشرق الأوسط إلى أفغانستان وإلى غرب أفريقيا. ووفق الخبراء، فإن «التنظيم فقد عدداً من القيادات البارزة، أبرزهم أبو فراس السوري، وأبو الخير المصري، وأبو خلاد المهندس، وأبو خديجة الأردني، وأبو أحمد الجزائري، وسياف التونسي، بالإضافة إلى مقتل 17 قيادياً من ذراعه (جبهة النصرة)». وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2020 قتلت قوات الأمن الأفغانية حسام عبد الرؤوف المعروف بـ«أبو محسن المصري»، المسؤول الأول عن إعلام «القاعدة».
وعن مستقبل «القاعدة» بعد مقتل الظواهري، أكد الخبير أحمد بان، أن «مستقبل التنظيم بعد الظواهري هو مستقبله في حياة الظواهري، عبارة عن (خلايا متشظية) تفتقر لقيادات تاريخية، ويتباين نشاطها بحسب الجغرافيا»، مضيفاً أن «زعامة الظواهري وسياساته قد جنتا على التنظيم، خصوصاً بعدما أصبح في السنوات الأخيرة غير قادر على التواصل السريع مع الفروع، فضلاً عن عدم القدرة على منح رأى سريع في مسائل تعرض لها التنظيم، خصوصاً (جبهة النصرة)»، موضحاً: «عملياً لم يعد الظواهري رقماً صعباً في المعادلة، فهو لا يتواصل مع عناصر التنظيم، وعلاقته بـ(القاعدة) خلال السنوات الماضية لا تتجاوز تسجيلاً صوتياً». وأوضح أن «التشظي ظهر في التنظيم منذ لحظة الحرب الأميركية في أفغانستان، فضلاً عن التهام تنظيم (داعش) الإرهابي لكثير من مجموعات (القاعدة) مما أضعف التنظيم».
حول تهديدات متوقعة لـ«القاعدة» ثأراً لمقتل الظواهري، قال أحمد بان: «عقب مقتل بن لادن ثار التنظيم وهدد بالثأر ولم يحدث شيء، وقد يحدث هذا الآن بعد مقتل الظواهري؛ لكن التنظيم ضعيف الآن عن تنفيذ أي تهديدات؛ وقوته أقل مما كانت عليه وقت مقتل بن لادن»