الرئيسية > محلية > بعد 5 عقود.. انقلاب الحوثي يستنهض الامامة وينكل بثورة سبتمبر

بعد 5 عقود.. انقلاب الحوثي يستنهض الامامة وينكل بثورة سبتمبر

يعيش اليمنيون الذكرى الـ54 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر/أيلول بعد أن تمكن الثوار من هزيمة حكم الإمامة وإنهاء عقود من التخلف والفقر والمرض والانغلاق على الخارج، لكنهم اليوم يعيشون التاريخ نفسه كما يقولون، حيث تعود بقايا الإمامة والأنظمة البائدة من جديد محاولة وأد ثورة سبتمبر والوقوف ضد تطبيق أهدافها بقيام نظام جمهوري ديمقراطي.

وبين 21 و26 سبتمبر/أيلول تزداد الفوارق ما بين الثرى والثريا كما يتحدث اليمنيون اليوم، حيث يرون أن 21 سبتمبر/أيلول هو ذكرى للنكبة وهو تاريخ الانقلاب المسلح الذي قادته مليشيا الحوثي وصالح مدعومة بآمالٍ إيرانية تتكئ على نظام ولاية الفقيه بعيداً عن الأسس الديمقراطية والحياة السياسية، وتتعارض ممارسات المليشيات مع كل ما كان ثوار 26 سبتمبر يطمحون إليه قبل أكثر من خمسة عقود، وبعدهم ظل اليمنيون يحلمون بدولة مدنية ديمقراطية.

احتفلت المليشيا نهاية الأسبوع الماضي بذكرى انقلابها واعتبرت التاريخ إجازة رسمية، لكنها حتى قبل يوم من ذكرى ثورة 26 سبتمبر لم تدشن أي مظاهر للاحتفال بالذكرى الوطنية، وهو الأمر الذي يعتبره المحللون تصادماً بين النظام الجمهوري الذي أسسه اليمنيون بثورتهم وبين تكرار تجربة حزب الله التي تسعى المليشيا إليها عبر السلاح.

الكاتبة والروائية فكرية شحرة تحدثت لـ"الخليج أونلاين" عن ثمار ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بالحكم الإمامي المتفرد بالسلطة والثروة بعد أن عانى اليمنيون منه كثيراً وانحسر النظام بين أفراد الأسرة الحاكمة.

وتشير إلى وجود إنجازات عظيمة قياساً على ما قبل ثورة السادس والعشرين وهي متجذرة على المستويات السياسية والاجتماعية، وشتان بين أوضاع اليمنيين ككل وبين أوضاعهم في عهد الأئمة، وممّا سجله التاريخ وتركته في أدبيات الثورة نجد مدى التجهيل والظلم والاستبداد الذي مارسته الإمامة بحق الشعب اليمني.

وتقول شحرة إن انقلاب 21 سبتمبر2014 هو محاولة لتغطية وجه الشمس والعودة لحكم الأئمة الكهنوتي المستبد، جاء تحت عباءة صالح الذي تظاهر بولائه للجمهورية طويلاً وفضحه تسليمه للدولة للأئمة من جديد، بل أنه عمل مستبسلاً لإيصالهم للحكم بنفسه مغرراً بأتباعه من المؤتمريين الجمهوريين الشرفاء.

شحرة ترى أن الحرب اليوم بحسب الواقع اليمني فقط دون التطرق للشأن الإقليمي والعالمي – في إشارة إلى عمليات الحكومة الشرعية ضد الانقلابيين- هي حرب ضد الإمامة بروح 21 سبتمبر، وهي مقاومة عودة الإمامة المدعومة من إيران مضافاً إليها قضية التشيع التي زادتها قبحاً في قلوب اليمنيين.

يرى الكتاب والمحللون والباحثون أن لا ارتباط بين مليشيا تقود حرباً ضروساً ضد المواطن اليمني وتقتل وتنهب وتمارس الانتهاكات المختلفة، وبين نظام جمهوري يؤسس للعدالة والمساواة والديمقراطية واحترام القانون وحقوق الإنسان.

وفي هذا الشأن، يقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد جميح في مقال سابق إن الحوثيين كغيرهم من حركات التشيع السياسي في العصر الحديث، يجعلون الإمامة في مرتبة عليا تصل إلى أن تكون أصلاً من أصول الدين، وليست مسألة سياسية مرتبطة باختيار الناس وانتخابهم، مضيفاً أن الحوثي ظل مصراً على صواب نظريته في حصر الإمامة في البطنين حتى بعد ثورة 26سبتمبر/أيلول، وقد قاتل الثورة في صعدة، وعندما تم حسم الأمر لمصلحة النظام الجمهوري ضاق اليمن على الحوثي فهجر اليمن تماماً، ولم يعد إليه إلا في وقت متأخر ليبدأ الإعداد لجولة أخرى من الدعوة إلى نظريته السياسية القائمة أصلاً على مبدأ حصر الإمامة في البطنين وذريتهما، بحسب رؤيته في هذا الخصوص.

وقبل 54 عاماً، التفت مختلف الشرائح اليمنية دفاعاً عن نظامها الجمهوري، بما فيها القبيلة التي دافعت باستماتة وقدمت التضحيات، وهي اليوم تقارع المليشيا في مختلف جبهات المواجهة.

الشيخ محمد بن ناصر الملقاطي، عضو مجلس المقاومة بمحافظة صنعاء، يرى أن 21 سبتمبر/أيلول هو محاولة من الحوثيين لإعادة النظام والحكم الإمامي بطريقة مختلفة، ومستنسخة من التجربة الخمينية في إيران.

ويؤكد الملقاطي، وهو قائد مقاومة بني ضبيان، لـ"الخليج أونلاين" أن الشعب اليمني الواعي والحكيم أفشل مخطط الحوثيين وسيواصلون مسيرتهم؛ لأن هذا المخطط يهدف لفرض هيمنتهم على الدولة بإيمان منهم ألا أحد غيرهم أهل للحكم، مشيراً إلى أن القبائل اليمنية ضحت في السابق لإسقاط الإمامة، وهي اليوم تضحي لأجل استعادة الجمهورية.

ويضيف الملقاطي أن المنضمين لصفوف الحوثي هم قلة من الذين غُرر بهم أو تم إغراؤهم، متمنياً عودتهم إلى جادة الصواب وعدم مشاركتهم في جرائم الحوثي مضيفاً: "هم إخوتنا ونحن محرِّرون لا منتقمون وبإذن الله سننتصر".

الشيخ الملقاطي يشير إلى أن الحوثيين يعتبرون النظام الجمهوري خطراً عليهم؛ لأنه يضمن للشعب أحقيته في حكم نفسه بنفسه، وهم بذلك يريدون عودة الإمامة ليس المتوكلية التي حكمت البلاد قبل ثورة 26 سبتمبر إنما الحوثية وبغطاء جمهوري، بمعنى أن يكون هناك رئيس ولكن له مرجعية عليا من "سيِّد مرَّان" لكي يمرروها على الشعب.

ويستدرك الملقاطي قائلاً: "لكن كل تلك المحاولات لن تمر فالثورة الآن ضد الحوثيين هي ثورة ضد الطغيان، وضد ما يمارسونه من نهب للدولة ومقدراتها، والتاريخ يعيد نفسه والمقاومة اليوم ترابط في جبال ووديان صرواح التي مر منها أبطال ثورة 26 سبتمبر العظيمة بمساعدة أشقائهم العرب وقتها، والجيش الوطني والمقاومة اليوم وبدعم الأشقاء في التحالف العربي مصممون على استعادة اليمن بكامله من قبضة المليشيات، وتحرير الأراضي اليمنية إلى آخر شبر منها، وفرض التسامح والتعايش بين جميع أبناء الوطن، امتداداً لأهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة".

يقول اليمنيون إن بين 21 و26 سبتمبر فارقٌ زمني قدره خمسة أيام، ولكنه زمن يتبدى كفارق توقيت بين أوهام الكهف وحقائق الفضاء الحر، وهو فارق زمني بين الجمهورية والإمامة.