علي عزي قائد

وزارة الخارجية واجهة الدولة ومصدر قوتها!

علي عزي قائد
الاثنين ، ١٢ مايو ٢٠٢٥ الساعة ١٠:٠٨ صباحاً

لهذه الوزارة السيادية دور ريادي كدعامة مركزية لأية دولة، ومن خلال دورها تتجلى ملامح البلد الذي تمثله وتبرز صورتها سياسياً ودبلوماسياً، ووزارة الخارجية اليمنية إبان الانقلاب الحوثي 2014 مرت بأوقات عصيبة ومهام جسيمة حيث التحديات العظيمة والمسؤوليات الكبيرة التي خاضتها من أجل ترسيخ علاقة اليمن بالخارج، وجلب التأييد الإقليمي والدولي لمساندة اليمن والوقوف بجانبه ضد الانقلاب، وإبقاء التمثيل الدبلوماسي لليمن قائماً باسم الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً .

طيلة عقد مضطرب مليء بالتعقيدات والاختلالات الدبلوماسية والصراع السياسي القائم في اليمن والحرب الدائرة فيها عانت الوزارة كثيراً، وعملت بشكل نسبي في تأدية دورها، لكن عملها ظل فيه الكثير من القصور، و لم يرتق إلى الشكل الذي يفترض، ولم يصل تأثير دورها لدرجة تغيير المواقف وكسب الداعمين للقضية اليمنية سياسياً واقتصادياً، وكشف حقيقة الصراع  ومعاناة الشعب من جبروت المليشيات الحوثية وخطرها الداخلي والخارجي . كانت الوزارة بحاجة ماسة لشخصية اعتبارية مخضرمة، ضليعة بالعمل الدبلوماسي، وتمتلك قدرة احترافية وخبرة عملية وعلمية في طبيعة الوزارة ومهامها ومسؤوليتها، وبالذات في هذه اللحظة شديدة الحساسية والتأثير الدبلوماسي، فكان اختيار شخصية الدبلوماسي المخضرم، الدكتور/ شائع محسن الزنداني وزيراً للخارجية من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وصدور قرار جمهوري بتعيينه في مارس/ 2024 اختياراً حكيماً ودقيقاً لشخصية دبلوماسية لها خبرة أربعة عقود من العمل الوزاري والدبلوماسي، ونجاحها في كل المناصب التي تقلدها مشهود، وتحظى بالتأييد الداخلي والخارجي، وقد لقي قرار تعيينه تأييداً دولياً وإقليمياً من قبل الكثير من الجهات الرسمية كوزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوربي والكومونولث البريطاني، حيث كتب سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن بياناً على منصة "اكس" قال فيه: "نهنئ معالي الدكتور شائع محسن الزنداني توليه منصب وزير الخارجية، لقد أثبت الوزير الزنداني التزامه الراسخ ببناء مستقبل الجمهورية اليمنية لأكثر من أربعين عاماً، ونتطلع إلى العمل معه مع توليه مسؤولياته في هذا الدور الجديد والحاسم لتحقيق السلام لجميع اليمنيين". 

لم تكن ردود الأفعال الإيجابية على قرار التعيين مجرد برتوكول دبلوماسي، وإنما جاءت مبنية على تاريخ دبلوماسي مشرف، ويقين بكاريزما ونهج وقدرة الوزير المشهودة، وعلاقاته الواسعة وامتلاكه المؤهلات والخبرات ومعرفته بماهية عمل الوزارة والدروب المعقدة التي يجب عبورها لتغيير ليس عمل الوزارة، بل صورة الشرعية اليمنية وإعادة تموضع صورتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية، واستعادة الثقة بها واستجلاب التأييد لمشروعيتها الدستورية والشعبية، وتبديد تلك المواقف المخاتلة التي لم تكن الصورة جلية في رؤيتها عما يجري في اليمن، ليعمل على تصحيح كثير من القضايا والإشكاليات العالقة دبلوماسياً وسياسياً وإنسانياً .

لقد شهدت الوزارة في فترة الزنداني تطوراً في زحزحة كثير من الملفات، ومعالجة العديد من القضايا المتعثرة في أروقة الوزارة، فقد أثبت هذا الوزير المخضرم جدارته، وقدم أداءً حقيقاً وجهداً مضنياً في بعث صورة حية للشرعية اليمنية، وتنشيط علاقة اليمن بدول العالم، وإبراز أهمية هذا الدور واستغلاله لصالح المجتمع والدولة، إذ يمضي الرجل قدماً في تأدية مهامة بصورة مبهرة دون أن يستقوي عليه اليأس، أو يغريه الإخفاق المهيمن في المشهد السياسي والحكومي اليمني، لكنه يقود معركة دبلوماسية جسيمة تستوعب المهمة الوطنية والمسؤولية التاريخية، واتخاذ خطوات إجرائية وعملية عبر اللقاءات وبرم التعهدات والمحادثات المستميتة في استعادة الحضور الدبلوماسي واستئناف عمل السفارات والقنصليات في العاصمة المؤقتة بعدن، والعمل مع الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي من أجل تهيئة المناخ الأمني والخدمي المناسب والمشجع لعودتها دون تخوف أو تردد.

لقد قطع معالي الوزير_ في ظرف وجيز_ شوطاً كبيراً في إنتزاع الإحباط الدبلوماسي وبتر القطيعة ومد جسور التواصل مع مختلف الجهات الرسمية الدولية والكيانات المعنية بالعلاقات والمراكز المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط والأمن الإقليمي، لقد أعاد هندسة ورسم أهمية الأمن والاستقرار في اليمن للعالم والإقليم، وليس من الصائب أن تتخلى القوى الدولية عن مساندة اليمن كشريك في استقرار العالم نظراً لأهميتها الجيوسياسية وفاعليتها في تخفيف حدة الصراعات في المنطقة، وإن الوقوف بجانب قيادتها الشرعية فعل منطقي لإنهاء مختلف التهديدات التي أثارت فزع المجتمع الدولي وجعلته يتجنب الخوض في متاهتها ويكتفي بالصمت .

كما أن الوزارة تسعى في الآوانة الأخيرة إلى إتباع سياسية الأولويات ووضع الخطط المستقبلية المناسبة وفقاً للإمكانيات المتاحة للدولة والوزارة، حيث تسعى إلى تقليص حضور ممثليها في كثير من دول العالم، حسب الأهمية والدافع، توفيراً للنفقات الباهظة التي تشكل عبئاً على موازنة الدولة، وتأتي هذه المساعي بناء على خطة إصلاح كلية يتبعها الوزير في الوزارة، وتجفيف منابع الفساد، وتأكيده على أهمية نقل دوائر الوزارة إلى الداخل، وتقديم مهامها من داخل الوطن لا من خارجه كضرورة قصوى مطمئنة ومحفزة لإزالة الشكوك والهواجس المتعلقة بصورة الدولة وإدائها في مناطق الشرعية .

وتأتي إشادتي هذه بدور الوزارة والوزير ليس من باب الثناء والإطراء وإنما من باب الاعتراف والاحتفاء بتلك المنجزات الملموسة، والجهود الفاعلة التي تستحق التقدير، ويجب أن تحذو كل الوزارات نفس المسار وأن تستوعب مختلف التحديات وتعمل من أجل تحقيق مصالح الدولة والمجتمع، لكن الحقيقة أن كل نجاح تكمن خلفه شخصية وطنية متميزة، ولا يأتي من فراغ أو توهم، فالوزير الزنداني ترك بصمات كبيرة في كل المناصب التي شغلها، وآخرها حين كان سفيراً لليمن في المملكة، إذ عمل بكل عزم على تقديم خدمات جليلة للمغترب اليمني، وتمكينة من استخراج جوازات سفر وتوصيلها إليه في إنحاء المملكة، وإدخال نظام إلكتروني لبيانات اليمنيين، وتسهيل معاملاتهم وتخفيف تكاليف استخراج الوثائق التي يحتاجونها، مما جعل أداء السفارة والقنصليات التابعة لها مثالياً . والخلاصة التي أود فيها ختم هذا المقال، أن لكل مرحلة رجالها، وأن لكل مهمة شخصياتها، ويعتبر الدكتور/ شائع  الزنداني رجل مرحلة وشخصية جديرة بالمنصب ذات كفاءة ونزاهة وقادرة على تحقيق منجزات حقيقية بدأت بشائرها تلوح في الأفق ولا ينكرها إلا جاحد، فمثله قدوة للنجاح وعليه يعتمد في مثل هذه اللحظات الحرجة التي نمر بها كدولة ومجتمع.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)