بحث
نجوى هاشم
في الوقت الذي بات فيه تنظيم داعش الإرهابي على مشارف دمشق أو داخلها كما يُرجّح البعض بعد أن سيطر على مخيم اليرموك الفلسطيني.. قابل ذلك سقوط إدلب على أيدي جبهة النصرة وفصائل من الجيش الحر وإعلان محمد الجولاني قائد الجبهة تطبيق الشريعة الإسلامية في المدينة.. لا يزال بشار الأسد رغم تسرب سورية الأبية مدينة مدينة من قبضة السلطة المركزية في دمشق يعتقد أنه الرئيس الشرعي لسورية.. والحاكم الفعلي.. ولا يزال يعتقد أن أولوياته هي حماية دمشق والساحل الذي ينتمي إليه وبات يتسرب منه مدينة مدينة.. ويرفض فكرة أنه لم يعد الرئيس الشرعي لسورية وأن شرعيته سقطت منذ سنوات طويلة ومنذ بداية الثورة عليه في مختلف مدن سورية التي قابلها بالقمع والقتل والبراميل المتفجرة.. رفض بشار فكرة أنه لم يعد حاكماً واكتفى مسجوناً داخل دمشق وقصره بإدارة لعبة الحكم التي تحوّلت إلى لعبة الموت مقتنعاً بتحديد إقامته في مساحة صغيرة في دمشق يختبئ فيها بعد أن فقد كل الأقرباء والمناصرين إما بتصفيتهم أو بالموت، وآخرهم رستم غزالي وقبله آصف شوكت..
لم يلتفت بشار للصورة من قرب وتحول لدور المنظّر وليس المشاهد والمتحمل لجرائمه.. لم يشعر بالخجل والبلاد مستسلمة للموت المجاني والإبادة على يديه هو ونظامه.. لم يهتز وهو يرى سورية تغرق في الموت على يديه، ومن ثم مشاركة التنظيمات الإرهابية بعد أن زحفت إلى سورية والعراق.. احتضن السلطة واختار تاريخه على تاريخ سورية متمسكاً بفكرة الشرعية التي أدارت له روسيا حتى الآن لعبتها، لكن لماذا لا يزال بشار حتى اللحظة يصر على كونه الرئيس الشرعي؟
يقول أحدهم إن الجغرافيا هي الثابت الوحيد.. وفي سورية تغيرت الجغرافيا التي تشكلت من مئات السنين في بلاد الشام وحلّ بدلا ًمنها التاريخ الدموي الذي صنعه بشار الأسد إزاء شعبه الأعزل.. بدعم من روسيا التي ومنذ بداية الأزمة ومع تساقط مؤيدي بشار ونزع شرعيته ظلت هي تدعمه باعتباره الرئيس الشرعي.. وترفض الإخلال بمبدأ الشرعية التي تستند عليها حتى بعد أن حوصر ولم يعد يملك أي حصانة لهذه الشرعية.. التي خسر كل أوراقها أمام جرائمه وأمام ما قامت به كل الدول من محاولة لمغادراته، ولكن ظلت روسيا قادرة على تفكيك كل ممرات التفاوض من تنحيه أو إسقاطه.. هذا التمسك برئيس غير شرعي يتنافى تماماً مع وجهة نظر روسيا في عميلة "عاصفة الحزم" التي أطلقتها المملكة منذ أيام ضد الحوثيين المغتصبين للسلطة في اليمن والذين أعاقوا الحوار وخارطة الطريق لتحصين اليمن من مغبة الانزلاق في متاهة الحرب الاهلية..!!
في بداية عاصفة الحزم أعربت روسيا عن أهمية وقف العمليات القتالية فوراً من قبل كافة الأطراف في اليمن والحلفاء من الخارج وهي تقصد المملكة وطالبت بالتخلي عن محاولات تحقيق أغراض أي طرف بالسلاح مع دعم روسيا الكامل لسيادة اليمن ووحدته وحرمة أراضيه وطالبت بالعودة إلى الحوار.. بدلا ًمن عاصفة الحزم التي لن تؤدي إلى تسوية الأزمة.. اللافت أن الرئيس الروسي بوتين بحث مع الرئيس الإيراني في محادثة هاتفية موضوع اليمن..
تطالب روسيا بإيقاف عاصفة الحزم وهي التي انطلقت لدعم الرئيس الشرعي عبدربه هادي.. والذي تدعمه قطاعات كبيرة من اليمنيين ال?? مليون مواطن مقابل ?? هم نسبة الحوثيين في اليمن مع أنصار المخلوع علي عبدالله صالح وجيشه.. في مقابل أنها تدعم شرعية بشار الأسد التي سقطت دولياً ولم يعد يعترف بها سوى روسيا والصين وإيران.. وهي هنا تكيل بمكيالين غير متساويين.. فبشار المجرم والقاتل لشعبه مع نظامه المدعوم بقوة من روسيا التي لا تزال تمده بالأسلحة وتساعد على إطالة مدة بقائه رغم أنه يقف على حافة الهاوية التي تستعذبها روسيا وتمارس سياستها من خلالها.. يختلف عن عبدربه هادي المتفق عليه والذي جاء باتفاق الأطياف اليمنية، ولكن عصابة الحوثي المدعومة من علي عبدالله صالح ظلت تقف على الضفة المواجهة لهادي تمنعه من التصرف والتقدم والحركة، ومن ثم فتحت المسرح لتعرض عليه مسرحية التهديد ومن ثم الإقامة الجبرية واللحاق به في عدن.. ومع ذلك ظلت المملكة بصفتها تقيم على الحدود الطبيعية للمعركة تراقب بهدوء كعادتها، ولكن عندما شعرت أن عصابة الحوثي تمردت على كل سبل الحوار وأخذت تدمر اليمن مدينة بعد أخرى، وتلبية لنداء الشرعية في اليمن حكومة وشعبا قررت المملكة بمشاركة خليجية وعربية حماية اليمن الشقيق من فراغ سياسي يهدد وحدته ونسيجه.
استدعت المملكة حلفاءها للمشاركة لتحرير اليمن من الاحتلال الحوثي في سابقة ضمت عشر دول وبمصادقة الجامعة العربية لإخراج اليمن من استبداد الحوثي والاستيلاء على اليمن وتسليمها لإيران الراعي الرسمي للحوثي.. والمشرف على رفع درجة التوتر في المنطقة العربية بامتداد سورية والعراق ولبنان وأخيراً اليمن.
/نقلا عن الرياض/
