على مر التاريخ نجد أن اليمنيين قد تآمروا على بعضهم البعض واستقوت أطراف منهم بقوى خارجية على اطراف آخرى في محاولة منها إما لتثبيت ملكها او توسيع نفوذها في معادلة صراع ازلية على الحكم والسلطة لم تنتهي بعد حتى وقتنا الحاضر .
ومن يدقق النظر في تاريخنا المليئ بالكثير من الصراعات الدموية على السلطة بين اليمنيين انفسهم على مر التاريخ يجد أن طرفي الصراع من الداخل المستعين والمستعان عليه هما الخاسرين في معادلة الصراع هذه بينما الطرف الخارجي هو الكاسب الوحيد في هذه المعادلة.
مندب برس يسرد نماذج سيئة من بعض استعانات الداخل بالخارج ضد بعضنا البعض منذ فترة ما قبل الاسلام وحتى وقتنا الحاضر تم استقائها من بعض الصفحات السوداء في تاريخنا التليد في محاولة لاستلهام الدروس والعبر من هذا التاريخ :
الإستعانة بالاحباش
اولاً استعانة زوجة الملك الحميري ذات الاصول الحبشية بقومها لاحتلال اليمن بعد أن دبّرت معهم مؤامرة لقتل زوجها واحتلال البلاد بهدف إعادة السيطرة على الطرق التجارية، والقضاء على منافسيهم الفرس فقتلت زوجها بدس السم في طعامه ثم استقدمت قومها الاحباش لاحتلال اليمن وظلوا محتلين لها اكثر من نصف قرن فيها منذ عشرينيات القرن السادس الميلادي وحتى نهايته من الفترة (525 - 599م) .
الاستعانة بالفرس
ثانياً استعانة الملك الحميري"سيف بن ذي زن" بالفرس لاخراج الاحباش من بلاده واستعادة مملكة آبائه واجداده إلا ان احلامه تلك تبخرت ولم تجد لها طريقاً للتحقيق .
فبعد أن نشأ هذا الملك خارج قصر والده المحتل وحاول استعادة مملكة والده المخطوفة بالاستعانة بقوى خارجية فحاول الاستعانة بالروم ولم يفلح ثم استعان بالفرس .. تمكن فعلا من اخراج المحتلين الاحباش من بلاده لكنه لم يتمكن من استعادة ملكه فقد لقي حتفه بأيدي من استعان بهم فقتل مسموما بحلة ذهب مسموة اهديت اليه من كسراهم لتصبح اليمن مستعمرة فارسية لمئات السنين حتى وصول رسول رسول الله الى حاكم فارس في صنعاء حينها يدعى ( باذان) ليدعوه الى الاسلام في تلك القصة المشهورة التي اخبر فيها رسول رسول الله حاكم فارس في صنعاء بأن ربه قتل ربه الليلة فأسلم بعدها وعادت اليمن بعدها الى حاضنة الدولة الاسلامية الوليدة .
الاستعانة بالأيوبيين
ثالثا استعانة الامام الناصر الذي اقام دولته في مدينة ذمار بالأيوبيين من مصر ضد قريبه الامام المهدي التي اتخذ من منطقة المواهب شمال مدينة ذمار عاصمة لدولته بعد معارك ضارية دارت بينهما خلفت عشرات الالاف من القلتى من الطرفين ... فأسقط الامام الناصر بأيدي الأيوبيين دولة قريبه الامام المهدي ثم قتله.
وواصل الايوبيين بقيادة الناصر صلاح الدين شقيق مؤسس الدولة الايوبية في اليمن( توران شاه ) ومعه الامام الناصر اسقاط ما تبقى من دويلات الأممة المتناثرة في اليمن حتى وصلوا الى مشارف صعدة شمالاً وتعز شرقا ثم قتلوا الامام الناصر الذي ظلوا يوهموه بأنهم سينصبوه إماماً على كل مناطق اليمن بعد ان يستكملوا اسقاطها واقاموا دولتهم التي استمرت من عام (????- ????م) متخذين من مدينة تعز عاصمة لدولتهم.
الاستعانة بالاتراك
رابعاً استعانة مطهر بن يحيى شرف الدين نجل الامام الزيدي يحيى شرف الدين الذي اتخذ من مدينة شبام كوكبان عاصمة لدولته استعان بالعثمانيين للإطاحة بنظام والده بعد ان قام والده بتنصيب شقيقه علي لانه كان اعرج فذهب اليهم الى زبيد التي كانوا محصورين فيها بالاضافة الى المخا وعدن وعرض عليهم السيطرة على دولة والده في المرتفعات الشمالية التي لم تكن تحت سيطرتهم فوافق الاتراك على طلبه.
وبالفعل اقتحمت قوات أويس باشا وأنصار المطهر بن يحيى شرف الدين تعز وتوجهت شمالاً نحو صنعاء وسيطر عليها عام 1547 وأعطى العثمانيون المطهر بن يحيى شرف الدين لقب بك واعترفوا به إماماً على عمران.
الإستعانة بالبرتغال
خامساً : استعانة آل كثير بالبرتغاليين لإسقاط مدينة الشحر بمحافظة حضرموت من آل طاهر، والسيطرة عليها مستغلين ضعف دولتهم .
فشن القائد البرتغالي أنتونيو دي ميراندا دي أزفيدو على مدينة الشحر وسيطروا عليها عام ????م. بينما اقتحم خادم سليمان باشا مدينة عدن عام 1538 وصلب عامر بن داوود وشرع عسكره بنهب المدينة .
الاستعانة بالسعوديين والمصريين
سادساً : استعانة الجمهوريين بجمهورية مصر العربية ومن ورائها الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي واستعانة الملكيين بالمملكة العربية السعودية والاردن ومن ورائها امريكا والدول اللبرالية والمعسكر الغربي .
فعقب قيام ثورة السادس والعشرين من ?? سبتمبر عام ????م اشتداد الصراع بين الجمهورين والملكيين في عموم المناطق اليمنية واستمر هذا الصراع لثمان سنوات متواصلة ابتداء من العام (???? وحتى ????م خلفت اكثر من 200000 قتيل من الملكيين والجمهوريين وقد جرت معارك الحرب الضارية في المدن والأماكن الريفية .
واستعان رئيس الجمهورية المنتخب من مجلس قيادة الثورة المشير عبدالله السلال بالرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر ليقوم الاخير بإرسال ما يقارب 70,000 جندي مصري الى اليمن لدعم الجمهوريين ضد الملكيين.
اما الملكيين بقيادة الامام البدر بن احمد ابن يحيى حميد الدين فقد استعانوا بالسعودية والاردن وحلفائهم وتلقى منهم الدعم المادي والعسكري السخي مكنه من تجنيد 200000 من رجال القبائل الموالين لهم في المناطق الشرقية ولاسيما في الجوف ومارب.
كما استقدمت السعودية اكثر من 1500000 مرتزق اوروبي للقتال في صف الملكيين بالاضافة الى آلاف الجنود السعوديين لم نتمكن من معرفة اعدادهم.
إلا ان مصادر تاريخية تؤكد ان ???? جندي قتلوا في اليمن في هذه المعارك وعلى الرغم من الجهود العسكرية والدبلوماسية، وصلت الحرب إلى طريق مسدودة واستنزفت السعودية بدعمها المتواصل للإمام طاقة الجيش المصري.
وأثرت على مستواه في حرب 1967 وأدرك جمال صعوبة إبقاء الجيش المصري في اليمن. وانتهت المعارك بانتصار الجمهوريين وفكهم الحصار الملكي على صنعاء في فبراير 1968 وسبقها أيضاً انسحاب بريطانيا من جنوب اليمن وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.