2020/06/01
مدير «الأغذية العالمي»: 80 % من سكان اليمن بحاجة للمساعدة

يعتقد ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، الذي نجا من إصابته بفيروس كورونا المستجد، أن الحل في مواجهة هذا الوباء، الذي وصفه بـ«الفتاك»، هو استخدام «المنطق السليم». وحذر بيزلي، في حوار مع «الشرق الأوسط»، من أن جائحة «كوفيد - 19» ستتسبب في كارثة إنسانية عالمية، لافتاً إلى أن أكثر من ربع مليار شخص قد يواجهون خطر الجوع الشديد بحلول نهاية 2020، وبدون الدعم المنقذ للحياة الذي يوفره برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه، قد يموت 300 ألف شخص منهم يومياً على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة.

وأوضح المدير التنفيذي أن البرنامج يحتاج إلى 1.9 مليار دولار بشكل عاجل، لتمويل عمليات الشراء الآجل، ضمن خطة العمل الحالية، حتى يتمكن من التخزين المسبق للإمدادات الغذائية والنقدية، والحفاظ على استدامة جميع عملياته على المستوى العالمي. كما يناشد البرنامج للحصول على 965 مليون دولار ضمن خطة الاستجابة الإنسانية العالمية، بهدف إنشاء شبكة مراكز نقل الركاب والبضائع وتوفير الخدمات لنقل المواد الطبية.

إلى نص الحوار:

> مع بداية عقد جديد، يواجه برنامج الأغذية العالمي معركة إنسانية كبرى ومعقدة ضد الجوع في أفريقيا، على وجه التحديد، فما هي خططكم في هذا الصدد؟

- تعد المجتمعات التي نساعدها من أكثر المجتمعات ضعفاً في العالم، ولذلك من أولوياتنا الرئيسية الاستمرار في تقديم المساعدات المنقذة للحياة لها، فضلاً عن التمكن من توسيع نطاق عملياتنا لدعم جهود الاستجابة الإنسانية الدولية. نحن نعوّل على دعم الجهات المانحة لنا كي نتمكن من القيام بذلك.

> كنت حذرت من أن تداعيات جائحة «كوفيد - 19» قد تؤدي إلى حدوث مجاعات جماعية في بعض أنحاء العالم، لماذا توصلت إلى هذا الاستنتاج، وما هي المناطق الأكثر عرضة للخطر؟

- شخص واحد من بين كل تسعة أشخاص في جميع أنحاء العالم لا يجد ما يكفيه من الطعام، الأمر الذي يثير قلقاً عميقاً لدى برنامج الأغذية العالمي من أن تؤدي هذه الأزمة الصحية إلى جائحة جوع يمكن أن تتسبب بدورها في كارثة إنسانية عالمية. وتُظهر تحليلاتنا أن أكثر من ربع مليار شخص قد يواجهون خطر الجوع الشديد بحلول نهاية العام، لقد بلغ هذا العدد 135 مليون شخص في عام 2019، لكن الجائحة قد تدفع بـ130 مليون شخص آخر إلى حافة الجوع خلال عام 2020، ليصل العدد الكلي للأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 265 مليون شخص. نشعر بالقلق بشكل خاص حيال 30 مليوناً من هؤلاء، فهم يعيشون على حافة المجاعة في أكثر البيئات هشاشة، ويعانون أصلاً من الجوع الشديد وآثار العنف، ويوجد هؤلاء الأشخاص في دول مثل اليمن والكونغو الديمقراطية وجنوب السودان وسوريا. وبدون الدعم المنقذ للحياة الذي يوفره برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه، قد يموت 300.000 شخص منهم يومياً على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة.

> في ضوء تعقيدات الوضع الراهن بسبب فيروس كورونا وحالة «الشلل» التي يعاني منها الاقتصاد بشكل عام، كيف ترى تأثير كل ذلك على أنشطة البرنامج؟

- يرصد برنامج الأغذية العالمي عن كثب الأمن الغذائي على المستوى العالمي وفي الدول والمجتمعات التي نخدمها أيضاً، نقوم بتقييم العقبات المحتملة في سلسلة التوريد الخاصة بنا بعناية، ونتعاون بشكل فعال مع السلطات المحلية لإعفاء شحنات المساعدات الإنسانية من القيود، كلما كان ذلك ممكناً. ونقوم، بالتزامن مع ذلك، باستكشاف طرق لوجستية ونقاط دخول بديلة كجزء من خطة للطوارئ.

> يقدم البرنامج وجبات مدرسية لملايين الأطفال حول العالم، كيف هو الوضع اليوم، لا سيما في ظل إغلاق العديد من المدارس بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد؟

- يفوّت نحو 370 مليون طفل من أطفال المدارس فرصة الحصول على الوجبات المدرسية، التي غالباً ما تكون الوجبة الوحيدة التي يحصلون عليها في اليوم، ولذلك يعمل برنامج الأغذية مع الحكومات والشركاء لضمان استمرارية حصول أطفال المدارس وأسرهم على المساعدات الغذائية. وفي الدول التي تم فيها إغلاق المدارس، يعمل برنامج الأغذية العالمي مع الحكومات على وضع تدابير بديلة، ويشمل ذلك توفير حصص غذائية منزلية وتوصيل الأغذية إلى المنازل وتقديم النقود أو القسائم.

> يواجه النقل التجاري قيوداً غير مسبوقة، فكيف تتصدون لخطر انقطاع سلاسل التوريد، وعدم القدرة على نقل الأشخاص والإمدادات إلى المناطق التي تكون بحاجة إليهم؟

- يقوم برنامج الأغذية العالمي بالتخزين المسبق لمخزون احتياطي لثلاثة أشهر من المواد الغذائية أو المساعدات النقدية في أكثر الدول ضعفاً، أو بالقرب منها، ويساعدنا ذلك على تقليص التعطيل إلى الحد الأدنى، وفي الوقت نفسه التمتع بالمرونة والقدرة على تعديل استجابتنا وفقاً لتغير الاحتياجات والظروف.

وأقام برنامج الأغذية العالمي مراكز للاستجابة الإنسانية العالمية في غوانغزو (في الصين)، ولييج (في بلجيكا)، ودبي (في الإمارات)، حيث يتم تجهيز الإمدادات. منذ أواخر يناير (كانون الثاني)، أرسل برنامج الأغذية العالمي أكثر من 137 شحنة من المساعدات الإنسانية والطبية إلى 94 دولة من أجل توفير الدعم للحكومات والشركاء في مجال الصحة في استجابتهم للجائحة.

> كم يحتاج برنامج الأغذية العالمي من التمويل العاجل على المدى القصير والمتوسط والطويل؟

- يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 1.9 مليار دولار بشكل عاجل لتمويل عمليات الشراء الآجل ضمن خطة العمل الحالية، حتى يتمكن من التخزين المسبق للإمدادات الغذائية والنقدية، والحفاظ على استدامة جميع عملياته على المستوى العالمي. ولا يشكل ذلك تكلفة إضافية وإنما ترقباً للمساهمات المقررة. ويشكل ذلك 70 في المائة من احتياجات الدول والعمليات ذات الأولوية القصوى لمدة ثلاثة أشهر.

كما يناشد البرنامج للحصول على 965 مليون دولار ضمن خطة الاستجابة الإنسانية العالمية، بهدف إنشاء شبكة مراكز نقل الركاب والبضائع وتوفير الخدمات لنقل المواد الطبية.

> لا تزال عمليات برنامج الأغذية العالمي في اليمن من أكبر التحديات الكبرى التي تواجهونها، كيف تصف الوضع في اليمن اليوم في ظل تسجيل البلاد حالات إصابة بـ«كورونا»؟

- لا يزال اليمن يشكل أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 24 مليون شخص أو 80 في المائة من السكان إلى المساعدة والحماية. ويقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية إلى 12.5 مليون شخص شهرياً، وهي أكبر عملية ينفذها البرنامج في العالم.

تعد السعودية والإمارات من أهم الجهات المانحة لمنظمتنا، فقد ساعدت مساهماتهما القيّمة برنامج الأغذية العالمي في توصيل المساعدات الغذائية المنقذة للحياة إلى ملايين الأشخاص في اليمن. لكن عملية البرنامج في اليمن تواجه في الوقت الراهن نقصاً حاداً في التمويل، وقد أجبرنا ذلك على تقليل عدد عمليات التوزيع في بعض أنحاء البلاد للاستفادة من الموارد المتاحة إلى أقصى حد، وتعزيز الإشراف والرقابة في بيئة العمل شديدة الصعوبة. لكن حتى في ظل هذا المستوى المنخفض من النشاط، لا تزال عمليات البرنامج معرضة للخطر. من هنا لا بد من الحفاظ على شبكة أمان للأسر التي أنهكتها الحرب في اليمن، التي تواجه الآن تهديداً جديداً بسبب الجائحة.

> كيف تصف علاقة برنامج الأغذية العالمي بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؟ وما هي المشروعات المقبلة المشتركة بين الطرفين؟

- تعود شراكة برنامج الأغذية العالمي مع السعودية إلى السبعينات الماضية، عندما قدمت المملكة سلسلة من التبرعات النقدية التي لعبت دوراً حاسماً في تجنب أزمة تمويلية كبرى. وفي عام 2008، قدمت السعودية مرة أخرى 500 مليون دولار مع بداية أزمة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود لمساعدة البرنامج على تلبية الاحتياجات المترتبة على نقص التمويل. وكان هذا التبرع أكبر مساهمة نقدية فردية تقدمها جهة مانحة على الإطلاق لأي وكالة من وكالات الأمم المتحدة.

> ما هي الدول الأكثر حاجة إلى المساعدات الغذائية حالياً؟

- أكثر ما يثير قلق برنامج الأغذية العالمي هي الدول التي تعاني من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي المزمن والحاد، ومن الصدمات المناخية أو الاقتصادية أو الاجتماعية والسياسية القائمة سلفاً.

في أسوأ السيناريوهات، قد نشهد مجاعة في أكثر من 30 دولة، وفي الواقع في 10 من هذه الدول هناك بالفعل أكثر من مليون شخص على شفا المجاعة في كل منها. وفي الكثير من المناطق تكون المعاناة الإنسانية هذه ثمناً باهظاً للنزاع.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يقدر برنامج الأغذية العالمي أن 6.7 مليون شخص إضافي قد يكافحون قريباً للحصول على قوتهم بسبب التأثير الاجتماعي والاقتصادي للجائحة.

> ما هي الدول الأكثر التزاماً بدعم أنشطة برنامج الأغذية العالمي، وما هي رسالتك لهم؟

- نحن ممتنون للغاية لمانحينا وشركائنا حول العالم. كما تعلمون، يعد التمويل الذي نحصل عليه طوعياً تماماً، ولذلك لن نكون قادرين على القيام بما نقوم به لإنقاذ الأرواح وتغيير حياة الناس من دون كرم الجهات المانحة. في هذه المنطقة، تعد السعودية والإمارات من بين أهم 10 جهات مانحة لبرنامجنا، ونحن نثمن دعمهما وسخاءهما. يمكننا تعزيز شراكتنا القوية للاستفادة من الفرص الواسعة والمتنوعة المتاحة أمام برنامج الأغذية العالمي والمملكة للشراكة في السياقات الإنسانية والإنمائية في مختلف أنحاء العالم.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://www.mandabpress.com - رابط الخبر: https://www.mandabpress.com/news60215.html