2015/02/14
صحف عربية للمجتمع الدولي: تحمّل مسؤوليتك تجاه انقلاب اليمن

اهتمت الصحف العربية الصادرة الأسبوع الماضي بالحديث عن الأزمة اليمنية وتداعياتها الخطيرة التي لا يحمد عقابها.

 

ففي هذا الشأن أفردت الصحف العربية المساحات للحديث عن أحداث اليمن عبر افتتاحياتها ومقالات لكبار الكتاب.

 

فمن جهتها طالبت بعض الصحف الأحزاب والقوى السياسية ومراكز القوى بعدم التخلي عن المبادرة الخليجية والعودة إلى شروطها للمحافظة على وحدة الأراضي اليمنية واستقرارها.

 

وفي ذات السياق قالت بعض الصحف إن الحوثيين باليمن يريدون مرحلة انتقالية على حسب أهوائهم وطموحاتهم. وإنهم مستمرون في المراوغة لإفشال كافة الطرق السلمية للخروج من هذا المأزق.

 

من جانبها رأت بعض الصحف أن المشهد اليمني لا يبعث أي بارقة أمل في مستقبل آمن. مؤكدة أن الأزمة الحالية تشير إلى أن القادم أسوأ.

 

ففي هذا الشأن قالت صحيفة «الوطن» السعودية في إحدى افتتاحيتها إن بيان دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا، والذي أدان استيلاء الحوثيين على السلطة في اليمن بصورة نهائية ما هو إلا تعليق منطقي على انقلاب الحوثيين على الشرعية في اليمن، وتابعت: الأمر كما صوّره البيان «تصعيد خطير ومرفوض ويهدد أمن واستقرار اليمن والمنطقة بأسرها»، وعليه فإن لدول مجلس التعاون الحق في اتخاذ «الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها»، ولديها الحق أيضا في دعوة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته لإدانة الانقلاب الحوثي.

 

وأضافت ليس غريبا أن يعتقد زعيم الحوثيين بمشروعية أعماله، ويتناسى أنه من أحدث الفوضى في اليمن بنشر ميليشياته المسلحة بالتواطؤ مع أطراف داخلية، ويتناسى أنه ينفذ تفاصيل مؤامرة ضد اليمن نسجت خيوطها في طهران، وينكر أن أوامره باختطاف قيادي في مكتب الرئاسة واقتحام القصر الرئاسي من أسباب فراغ السلطة الذي أدى إلى تعطيل عمل مؤسسات الدولة.

 

وتابعت الصحيفة ليس غريبا أن ينسى كل ذلك ليكيل في كلمته مؤخرا اتهامات إلى الآخرين بأنهم سبب الفوضى، لأنه لو اعترف بالحقائق لأحرج نفسه أمام أتباعه وأسياده في إيران، وفقد كثيرا من مكاسبه.

 

وتابعت حين قال زعيم الحوثيين: «إن الفراغ في السلطة كان مؤامرة ضد اليمن وشعبه» فقد أخطأ في تحديد طبيعة المؤامرة وفاعلها، فالفراغ ما كان له أن يحدث لو لم يفعل الحوثي ما فعله، والعنف الذي مارسته ميليشياته هو الذي قاد إلى رد الفعل باستقالة الرئيس ورئيس الحكومة، لأنها الخيار الوحيد لكبح جماح العنف الحوثي، ورغم ذلك أكمل زعيم الحوثيين انقلابه وأصدر إعلانه الدستوري الذي لم يعترف به اليمنيون.

 

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بقولها إن عودة المبعوث الأممي جمال بنعمر، وتعبيره عن أسفه الشديد لإصدار الإعلان الدستوري، لن يفيدا، فالحوثيون يريدون الفوضى لأنها طريقهم الوحيد لاستمرار السيطرة على الحكم، أما الشعب اليمني فلم يقل كلمته بعد، ولا مناص من الاستعداد لما هو أسوأ ما دام الحوثيون مصممين على متابعة طريق العنف.

 

من جهتها قالت صحيفة «القدس العربي» في إحدى افتتاحيتها إنه مع غياب آخر ملامح الدولة، واندلاع الاحتجاجات الشعبية، ومغادرة ممثل الأمم المتحدة يجرجر أذيال الفشل، دخل اليمن مؤخرا نفقا مظلما من الفوضى والاضطرابات إثر إصدار ما تسمى بـ»اللجنة الثورية» لجماعة أنصار الله الحوثية «إعلانا دستوريا» من القصر الجمهوري في صنعاء.

 

وتابعت لقد تضمن «الإعلان الدستوري» الذي يفتقر إلى أي غطاء أو مسوغ شرعي تشكيل مجلس رئاسة من خمسة أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني، وتصادق عليه اللجنة الثورية، إضافة إلى حل البرلمان وتشكيل المجلس الوطني الانتقالي من 551 عضوا. وذكر أن مجلس الرئاسة يكلف من يراهم أصحاب كفاءة لتشكيل حكومة كفاءات، وحدد الفترة الانتقالية بعامين.

 

وأضافت أنه مع تفاقم التعقيد في المشهد اليمني، وتصاعد مخاطر التفتيت والوقوع في حروب أهلية ومذهبية قد تستمر سنوات، ينبغي التوقف عند محطات رئيسية في رصد الأبعاد الأمنية والسياسية والإقليمية لهذا التطور الخطير. وأضافت: أولا: لقد جاءت التطورات الأخيرة بمثابة حلقة جديدة في مسلسل استيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء، ممثلين في لجنة ثورية، رغم أن مجلس شباب الثورة كان أول المعارضين للإعلان الدستوري المزعوم.

 

وأضافت ثانيا: إن تشكيل مجلس رئاسي يديره الحوثيون عمليا، ومن خلفهم طهران، يمنح نظام الملالي في إيران ورقة إضافية في توازنات القوى الإقليمية، لن تتورع عن استخدامها في ابتزاز تنازلات أميركية بشكل خاص في ملفات أخرى، خاصة مع استيلاء الحوثيين على بعض الأجهزة الأمنية التي كانت توفر المعلومات الاستخباراتية اللازمة لهجمات الطائرات من دون طيار. وهذا يعظم الاحتياج الأميركي لتعاون طهران أمنيا فيما يسمى بالحرب ضد الإرهاب. وتابعت أنه ومع تكاثر بوادر تفجر الحرب الأهلية والمذهبية قريبا من الحدود السعودية، لن تتوانى طهران عن استخدام هذه الورقة للضغط على الرياض في أزمات ساخنة كانخفاض أسعار النفط والحرب في سوريا وغيرهما. بل إن سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي تمر منه نحو عشرين بالمئة من التجارة الدولية، يتيح توسع نطاق الابتزاز وربما التهديد الإيراني إلى أبعد من ذلك.

 

وأضافت ثالثا: إن استكمال الحوثيين انقلابهم مؤخرا يثير علامات استفهام حول أدوار الأمم المتحدة والقوى الإقليمية والدولية تجاه الأزمة اليمنية. إذ بدا فشل المبعوث الجزائري للأمم المتحدة جمال بن عمر لكثير من اليمنيين، وكأنه وفّر الغطاء الأخلاقي مرحليا لاستيلاء الحوثيين على السلطة. خاصة أنه استمر في التعامل مع جماعة أنصار الله الحوثية كقوة سياسية حتى بعد أن استولت على القصر الجمهوري، وخطفت مدير مكتب الرئيس الشرعي عبد ربه هادي منصور، وحاصرت بيوت كبار المسؤولين، وهي أعمال لا يمكن أن توصف إلا بأنها انقلابية وإرهابية، حسب مقاييس القانون الدولي. أما الولايات المتحدة والدول العربية الرئيسية المعنية تاريخيا بالأوضاع في اليمن كالسعودية ودول الخليج ومصر، فكانت مغيبة بالكامل عن المشهد، وعاجزة عن التأثير فيه. ويبدو أن هذا الواقع لن يتغير في المستقبل القريب.

 

واختتمت القدس افتتاحيتها بقولها إنه ومع غياب دولة عربية أخرى في غياهب الفوضى والاضطرابات وربما التقسيم والحروب الأهلية، لا يمكن إلا أن يكرس مرحلة غير مسبوقة من الاهتراء العربي، وينذر بامتداد النيران إلى أثواب الآخرين.

 

وفي إحدى مقالاته بصحيفة الجمهورية اليمنية يقول الكاتب راسل عمر القرشي إن المواقف المتشنجة والتي تدفع قيادة جماعة أنصار الله إلى اتخاذ خطوات متسرعة وغير مدروسة هذه المواقف تلحق الضرر بالجماعة، وإن رأتها تصب في مصلحتها كما هو الحال مع إعلانها الأخير!

 

وأضاف: إن مثل هذا الإعلان وغيره من المواقف الأخيرة التي أقدمت عليها جماعة أنصار الله هي في واقع الأمر نتاج لردود أفعال متسرعة اتخذتها ضد مواقف لأطراف سياسية أخرى.. وهذا يكشف عن غياب البعد السياسي للجماعة في كل خطوة يقدمون عليها.

 

وتابع: إن تعنت طرف سياسي معين لا ينبغي أن يقابل من الطرف الآخر بتعنت مماثل، خصوصاً في العمل السياسي الذي يقوم على الحوار والتفاهم والوقوف أمام كل الرؤى المطروحة بعقلانية وحكمة وحذر.. وهذا ما افتقدت إليه جماعة أنصار الله في التعامل مع الشركاء المتحاورين في موفمبيك!.

 

وأضاف أن القيادي السابق في جماعة أنصار الله علي البخيتي أدرك هذه الحقيقة منذ وقت مبكر، وأطلق تحذيراته لجماعته من عدم التسرع في اتخاذ المواقف التي قد يُدفعون إليها، والتي قد تنعكس سلباً وتؤثر وبشكل مباشر على الجماعة سواء في علاقاتها مع الداخل أو الخارج.

 

علي البخيتي وفي كثير من منشوراته عبّر عن أسفه للكثير من الخطوات التي تنتهجها اللجان الشعبية وبعض قيادات الجماعة، والتي رأى فيها ضرراً على مستقبل جماعة أنصار الله ما دفعه إلى دعوتها لتصحيح مسارها والاستفادة من الأخطاء التي وقع فيها الآخرون من قبل!

 

وشدد الكاتب على أن القوة ليست كل شيء وينبغي أن يكون هناك تلازم بين القوة والسياسة، وكل منهما مكمل للآخر، ولكن حين تحل القوة مكان السياسة تأتي النتائج عكسية، وهذا ما ستدركه جماعة أنصار الله في قادم الأيام.

 

وأضاف أن الخطاب السياسي الذي تنتهجه جماعة أنصار الله لا يتناسق مع الأفعال والممارسات وما تقوم به اللجان الشعبية على أرض الواقع. والاستمرار في هذه الممارسات وعدم إبداء المرونة في التعاطي مع المستجدات والمتغيرات سيفقد الجماعة مصداقيتها بين المناصرين لها والمتعاطفين معها.

 

واختتم الكاتب مقالته بقوله إنه يتوجب من هذا المنطلق على جماعة أنصار الله إعادة حساباتها قبل أن تتجه نحو إحراق نفسها وتفقد مصداقيتها لدى اليمنيين والقوى السياسية الأخرى التي تشارك معها في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية والوصول إلى بناء دولة العدالة والمساواة والحقوق والحريات والنظام والقانون التي هي حلم كل اليمنيين.

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://www.mandabpress.com - رابط الخبر: https://www.mandabpress.com/news4790.html