انطفأت ضحكه " آمنه " محمد على (8سنوات) عندما غادرت روحها للسماء برصاصه غدر اخترقت جسدها الغض، خرجت من فوهه حقد تحمل رسائل الموت بتوقيع بنادق بما يسمي اللجان الشعبية الحوثية.
الثلاثاء 22/12 كان يوماً غير عادي في حياه أسره الطفلة القتيلة وختاما لحياتها التي لم تبدأ بعد.
خرجت "آمنه" برفقة أمها وأقاربها بسيارة (صالون )للذهاب إلى منطقه أخرى، وعلى بعد أمتار قليله تجاوزت سيارتهم نقطه اللجان الشعبية، أطُلقت النيران نحوهم بكثافه لتخترق جسد "آمنه" ووالدتها وقريبتها الأخرى، فودعت "آمنه" الدنيا ورحلت وبقيت دماءها شاهدا على القتلة.
الشيخ قاسم مشطا (نائب رئيس لجنه حمايه الوحدة فرع محافظه حجه ) أحد المجني عليهم في الحادث وسائق السيارة، أصيبت زوجته وروع اطفاله الصغار، يتحدث عن الواقعة لـ " مندب برس"، بقوله: "ركبت سيارتي ومعي زوجتي وأطفالي وآمنه ووالدتها، وعندما أردت التحرك من النقطة جاء أحد الحوثة المسلحين من اللجان الشعبية يطفى سيارتي ويأمرني بالنزول بشكل متعنت، رفضت،، وقلت له معي: أطفال وعار( نساء) أوصلهم وارجع لك، أصر على نزولي بالقوة، فتحركت بسيارتي متجاوزا نقطتهم وعلي بعد بضعة أمتار سمعت إطلاق النار، ظننتها في الهواء، لم أتوقع أن تكون ناحيتي ".
ثواني فقط فاذا زوجتي تصرخ (اصبنا يا شيخ) التفت ورأيت الدماء تسيل من اجسادهن و عيناها امينه معلقتان بوالدتها لحظات انطفأت انفاسها البريئة.
ويضيف: "في تلك اللحظة صعدت دماء الغضب وصراخ والدتها يشق عنان السماء، وبكاء أطفالي الشديد، (قتلونا قتلونا)، درت سيارتي مسرعا نحو القاتل الذي توارى عن الانظار، حينها تلقفني أحد العساكر ولما رأى الدماء قال لي: (نسعف الجرحى أولا والقاتل معروف)، توجهنا لأحد المستشفيات لإسعافهن، ولكننا فقدنا أمنه الصغيرة".
وعن المعاناة النفسية للأسرة يقول سائق السيارة قاسم مشطا،:" والدة آمنه عندما رأت ابنتها مصابة، كانت تجري وهي تصرخ كالمجنونة، لم تشعر بإصابتها حتى أصيبت بالإغماء".
ويضيف : "أطفالي ابراهيم وأحمد لثلاثة أيام لم يروا أمهم لأنها في المستشفى، فأصيبوا بحالة خوف وحزن، إبراهيم يردد(ماما ماتت)، وحتى الآن يرفضون ركوب السيارة مرة أخرى".
ويطالب مشطا بالقصاص الشرعي وبإلزام تعويضه وأسرته، عما أصابهم، ويطالب الرئاسة بإزالة ما يسمي اللجان الشعبية التي بثت الرعب بين الناس، كما طالب المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية والاعلام بكشف انتهاكات الحوثي والضغط من أجل إنهاء لجانه التي دمرت الوطن وأهدرت دم المواطنين الأبرياء.
من جانبه أكد شقيق الطفلة القتيلة علي، أنهم لن يتنازلوا عن حقهم بتنفيذ القصاص العادل بالجناة مهما حدث، مشيرا إلى أن أسرته تعاني حالة نفسية سيئة، يسودها الحزن الشديد على طفلتهم التي قٌتلت بلا ذنب، ومصاب جرحاهم.
يقول يعقوب مشطا، قريب الطفلة " آمنة ": " أن الحادث جاء صادما لأهالي المنطقة وخاصة عندما رأيت أمعاء آمنه متدلية بجانب جسدها الصغير"، موضحا بأنهم رفضوا أي تحكيم، رغم وجود وسطات مستمرة من قبل الحوثيين لاحتواء القضية وابداءهم الاستعداد لمحاسبة القتلة كما يزعمون.
وأشار إلى أن مشايخ وأمناء وعقال بني مشطا، عقدوا اجتماعاً، أكدوا فيه مطلبهم الأساس، والمتمثل في القصاص من القاتل.
جاء صوت والد آمنه مكبلا بالوجع، واعتلت الحشرجات الحزينة صدره فأضفت على كهولته الألم، يقول : " 8 سنوات وأربعة أشهر هو عمر طفلتي، بأي ذنب قتلت ؟ وما هو الجرم الذي ارتكبته هي وأمها، وبقية الأطفال والنساء، حتى يٌطلقوا عليهم الرصاص بلا رحمة ؟ ".
لهج والد الطفلة بالحمد والثناء على مصابه، مغلفاً بصبره أمام القضاء والقدر، وأكد في حديثه أنه لن يسامح قاتل ابنته أبدا، لأنه قتلها عمداً وعدواناً، مشيرا إلى أن الناس يعفون في الخطاء، أما القتل العمد فحده القصاص العادل.
وأكد أن والدة الطفلة تعيش حالة مأساوية ومرضية بعدما فقدت طفلتها وإصابتها كذلك بالحادث.
تواصلت مع أم الطفلة " آمنة " ، فجاء حديثها متخبطا مع أنفاسها المتقطعة، وأنات قلبها المكلوم، قالت لي: لا أستطيع الحديث، وودعتني مسرعة لتنخرط في بكاء وأنين .
من جانبه وصف الإعلامي محمد عيسى، وهو أحد أبناء المنطقة، معاناة أسرة " آمنة "، بأنها باتت سيئة للغاية، فوالدتها تعيش حالة اغماء متواصلة، وصحتها النفسية والجسدية تدهورت بشكل ملحوظ، نتيجة عزوفها عن الطعام منذ يوم الحادثة.
ويضيف:" الحوثيون حضروا منذ اليوم الأول للحادث ممتثلين للتحكيم القبلي، ومستعدين لتلبية مطالب الأسرة، بعد أن قاموا بإيداع الجناة السجن حسب قولهم.
لكن عيسى يعتقد أنه لا ضمانات حتى الآن بأنهم سينفذون ما يقولونه، سوى تهديد الأسرة وقبيلتها باستهداف كل من يتواجد في تلك النقطة التي أطلق عناصر الحوثي منها النار على الأسرة، في حال فر الجناة.
وأكد بأن هناك مساومات من قبل شخصيات نافذه في المنطقة، لإقناع الأسرة بقبول الدية، والصلح خير من الشريعة والفتن، مبيناً بأن الحوثيين أبدوا تجاوباً لأي صلح، نظراً لحالة الاستياء التي تسود المنطقة بسبب الحادث.
وأكد عيسي أنه ليس هناك أي تحرك للأجهزة الأمنية، والحكومية لإنصاف الأسرة، كون سلطة الأمر الواقع هم الحوثيون.
رحلت آمنة من الدنيا مثل المئات من أطفال اليمنين ضحايا الحرب والنزاعات والمليشيات المسلحة، دون ثمن أو قصاص لطفولتهم الضائعة فمن يا ترى الطفل الذي ستغتاله رصاصة الغدر الحوثية، بعد آمنة ؟.