تصاعدت مخاوف المودعين في صنعاء في ظل أزمة السيولة في بنوك صنعاء والتي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثم عبر تنفيذ احتجاجات في العاصمة اليمنية يتوقع أن تتصاعد، حيث نفذ عشرات المودعين، الأحد، احتجاجا أمام مقر بنك اليمن الدولي في صنعاء (تجاري خاص)، للمطالبة بمدخراتهم المحتجزة وللاحتجاج على توقف صرف المبالغ الشهرية الصغيرة من الودائع.
ويعدّ هذا الاحتجاج النادر بمثابة تطور خطير في مدينة صنعاء التي يحكمها الحوثيون، والذين يمنعون أي تحركات جماعية من دون إذن مسبق، وهو ما أثار اهتمام النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين تحدثوا عن مخاوف من تكرار سيناريو أزمة البنوك اللبنانية في بنوك صنعاء، حيث تعاني جميعها من نفس الأزمات المتعلقة بالودائع والسيولة ومحاصرة أعمالها من قبل الحوثيين.
لكن اختيار المحتجين تنفيذ الاحتجاج أمام بنك اليمن الدولي جاء بسبب استحواذه على حصة كبيرة من الودائع، ولكونه البنك الوحيد الذي استمر في دفع فوائد عن الودائع القديمة المجمدة مع توقف بقية البنوك عن الدفع.
وقال مودعون لـ"العربي الجديد" إن بنك اليمن الدولي ظل يصرف مبالغ شهرية صغيرة من فوائد الودائع غير النقدية بدأها بصرف 60 ألف ريال شهريا (نحو 112 دولاراً)، قبل تخفيض المبلغ إلى 40 ألف ريال ثم إلى 20 ألف ريال شهريا قبل التوقف عن الصرف منذ مارس/آذار الماضي. بينما أوضح مسؤول في بنك اليمن الدولي لـ"العربي الجديد" أن البنك توقف عن صرف الفوائد عن الودائع النقدية وغير النقدية بعد صدور قانون المعاملات الربوية من قبل سلطات الحوثيين. وأشار إلى قوة موقف البنك المالي وسط الأزمة المصرفية التي تدخل مرحلة خطيرة نتيجة أزمة السيولة في بنوك صنعاء والمرجح أن تتصاعد.
ومنعت البنوك اليمنية المودعين من سحب مدخراتهم أو فوائدها، سواء القديمة أو الجديدة، لكن البنك استمر في صرف مبالغ صغيرة شهريا من فوائد الودائع غير نقدية التي جرى تحميدها منذ عام 2016.
وتميّز مصارف صنعاء بين الودائع من خلال تقسيمها إلى فئتين: الأولى هي الودائع القديمة المجمدة بقرار من البنك المركزي الموالي للحوثيين وتُسمى الودائع غير النقدية، وهي المرتبطة بإيداع الصكوك والأوراق المالية وأذون الخزانة. والثانية هي الودائع الجديدة، التي أودعت منذ عام 2017 وتعرف بالودائع النقدية، وكانت البنوك تقوم بصرف فوائد شهرية عنها، لكنها توقفت منذ مارس/آذار الماضي بعد صدور قانون المعاملات الربوية الذي يحرم دفع فوائد عن المدخرات.
أزمة السيولة في بنوك صنعاء تمتد لسنوات ماضية، إذ يعاني القطاع المصرفي في صنعاء من أزمة السيولة النقدية من العملة المحلية، وفرضت السلطات المالية التابعة للحوثيين إعادة تداول أوراق نقدية تالفة، لكن الأزمة دخلت مرحلة خطيرة، منذ مارس/آذار الماضي، تهدد بتوقف البنوك عن العمل. وقال متعاملون لـ"العربي الجديد" إنّ أجهزة الصراف الآلي للبنوك في صنعاء كانت خالية من النقد بالعملة المحلية منذ أول من أمس السبت، ما اضطر العملاء إلى التوجّه لمقار البنوك للسحب من أموالهم في الحسابات الجارية.
وقال مسؤول مصرفي في بنك تجاري لـ"العربي الجديد" إنّ البنوك في صنعاء تعاني بشدة من شح الأوراق النقدية السليمة من العملة المحلية فئة ألف ريال. وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه أن ذلك أدى إلى عجز البنوك عن تغذية أجهزة الصراف الآلي بالنقود فئة ألف ريال. وتوجه عشرات من عملاء البنوك، أمس الأحد، إلى مقارها وسط حالة هلع ومخاوف من عمليات اقتحام للبنوك وحدوث هزة مصرفية تقود إلى الإفلاس وضياع أموالهم في الحسابات الجارية. وأوضح متعاملون أن العملاء اصطفوا في طوابير طويلة لسحب مبالغ من حساباتهم أو لسحب رواتبهم.
وفي تطور يشير إلى أزمة مصرفية حادة، أكد مصرفيون أن أزمة السيولة في اليمن وشح العملة المحلية دفعا بنوكا تجارية في صنعاء إلى التعامل بالريال السعودي، وأشاروا إلى أن ثلاثة بنوك أبلغت عملاءها الذين يمتلكون حسابات جارية بالعملة المحلية أنها ستدفع أموالهم بالريال السعودي وفق سعر الصرف المعتمد في صنعاء.
وغابت سلطات الحوثيين عن المشهد ولم يصدر عنها أي تعليق أو محاولات لتهدئة مخاوف المودعين، وسط انقسام مصرفي عميق بين الحكومة المعترف بها دوليا والتي تتخذ من مدينة عدن مقرا لها، وجماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء. وجاءت الأزمة المصرفية في صنعاء بعد نحو شهر ونصف شهر من تعميم صادر عن البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا، يطلب من البنوك التجارية نقل مقارها الرئيسية من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى مدينة عدن مقر الحكومة الشرعية.
وفي تعليقه على تطورات الأزمة المصرفية في صنعاء، قال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إن العديد من البنوك في صنعاء على وشك الإفلاس بسبب قانون المعاملات الربوية ونتيجة أزمة السيولة في اليمن والإجراءات التي تفاقم العزلة الاقتصادية في مناطق سيطرة الحوثي.