فتحت رعاية الصين لاتفاق إعادة العلاقات بين السعودية وإيران في 10 آذار/مارس الجاري، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة بشأن دور بكين المحتمل في ملف الحرب باليمن.
ويشير الإعلان أو البيان الثلاثي الصادر عن الرياض وطهران وبكين بعد التوقيع على الاتفاق، إلى التوصل لتفاهمات شاملة حول القضايا الإقليمية بين البلدين، ومن بينها حرب اليمن.
وطرح التقارب السعودي مع إيران مجموعة من التساؤلات عن مدى قدرة الصين على أداء دور في اليمن، مع تعاظم التنافس بينها وبين الولايات المتحدة، سيما أن واشنطن ترى تقدم بكين على أنه نقطة تحول رئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة نفوذ واشنطن بامتياز.
"دور في المتاح"
وفي السياق، رأى الخبير اليمني الاستراتيجي، علي الذهب، أنه لا يمكن التعويل كثيرا بأي دور صيني في الأزمة اليمنية؛ كونها مطروحة في إطار الأمم المتحدة، وتحت طائلة الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية.
وقال الذهب في حديث خاص لـ"عربي21": "أيضا، هناك دول خليجية تشرف على الأزمة وحلولها والمبادرات التي تطرح لحلها منذ 2011 من مجلس التعاون الخليجي ودول دائمة العضوية ودول الاتحاد الأوروبي".
وحسب الخبير اليمني، فإن الصين يمكن أن تتحرك في إطار المتاح، وفي اعتقادي أن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، لن تسمح لها بإحراز مكاسب في اليمن تعلو على مكاسب تلك الدول.
وأشار إلى أن هذه الدول حاضرة بقوة على الأرض عسكريا ودبلوماسيا، وموقفها من الأزمة اليمنية أقوى من الموقف الصيني، خاصة مع الحكومة الشرعية.
وقال؛ إنه قبل سنوات، عارضت روسيا والصين إدانة إيران بشأن تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، بينما تم إدانتها من قبل الدول الثلاث.
وأكد الخبير الاستراتيجي اليمني على أن دور محتمل لبكين في ملف اليمن، لن يتجاوز أو يعلو على أدوار لندن وواشنطن وباريس.
وأضاف: "هناك حساسية من تقدم بكين وما ستحققه من مكاسب من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، التي تشمل الموانئ اليمنية جزءا منها، وهو أمر يضايق بريطانيا والولايات المتحدة.
"ليس لديها استراتيجية"
من جانبه، استبعد الباحث والخبير اليمني في الشؤون الدبلوماسية، مصطفى ناجي، أن يكون للصين استراتيجية واضحة خاصة باليمن.
وقال ناجي في حديثه لـ"عربي21"؛ إنه ربما تحرص بكين على تأمين النفط، وهذا لا يكون إلا بتقريب السعودية وإيران.
وأضاف أن انعكاسات هذا التقارب لن تكون أولا على اليمن.
"لديها مقومات"
من جهته، قال الكاتب والباحث اليمني، عدنان هاشم: "إذا ما ساهمت الاتفاقية التي رعتها الصين في تخفيف حدة التوتر السعودي-الإيراني في اليمن، فإن هناك دورا لبكين في الأمر".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أن "السعودية تنظر للصين كضامن للاتفاق مع إيران وهو أمر مهم بسبب حجم المعضلة الأمنية بين البلدين، وفقدان الثقة الذي تراكم على مدى عقود".
وأشار الباحث اليمني إلى أن الصين تملك مقومات أن تدخل كوسيط باليمن، يساعدها التوصل إلى اتفاق بين السعوديين والإيرانيين على ذلك.
وتابع: "وإذا ما أنتجت اتفاقا أو بلورت رؤية تخص الوساطات الدبلوماسية في الشرق الأوسط، فإن اليمن هي أسهل الدول التي يمكن لبكين بناء وساطة متماسكة فيها، يمكن أن تؤدي إلى نتائج جيدة لزيادة حضورها الدبلوماسي في المنطقة"، على حد قوله
وكانت السعودية وإيران، قد أعلنتا من العاصمة الصينية بكين، في الأسابيع الماضية، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح السفارتين في مدة أقصاها شهران، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، ما وضع حدّا لخلاف استمر سبعَ سنوات.