الرئيسية > اخبار وتقارير > رقية مطهر.. قصة نجاح في زمن الحرب

رقية مطهر.. قصة نجاح في زمن الحرب

رقية مطهر امرأة يمنية طموحة، اضطرتها الحالة المعيشية الصعبة التي مرت بها، بسبب الحرب في البلاد وانقطاع رواتب موظفي الدولة، إلى الخروج لعالم الأعمال في مجتمع محافظ لا يزال ينظر بازدراء لعمل المرأة.

 

ويتكفل الرجال في أغلب العائلات اليمنية بالإنفاق، ونادرا ما يتقبل المجتمع -خاصة في شمالي البلاد- خروج المرأة للتجارة أو العمل بحثا عن لقمة عيش كريمة تمكنها من الاستقرار الحياتي، وتعينها على رعاية أولادها وتعليمهم أيضا.

 

منعطف الحرب

 

وشكلت الحرب الدائرة منذ أربع سنوات في اليمن منعطفا في حياة اليمنيين خاصة النساء اللاتي انعكس عليهن العبء الأكبر في رعاية أسرهن، نتيجة ذهاب الرجال لميادين القتال، أو اضطرارهم لمغادرة البلد، أو لتلبية احتياجاتهم الضرورية في ظل انقطاع رواتب الموظفين.

 

وتحدثت تقارير أممية عن استفحال ظاهرة الفقر باليمن مؤخرا، وأكدت حاجة 22 مليون يمني للمساعدات الإنسانية والغذائية العاجلة خاصة في ظل بروز مؤشرات للمجاعة في أكثر من محافظة يمنية.

 

موهبة فنية تنقذها

 

تقول رقية مطهر للجزيرة نت إنها لم تكن تخطط أن تكون يوما سيدة أعمال، لكن ظروف الحرب وتعرض زوجها لانتكاسة في عمله بأحد البنوك اليمنية وخروجه من وظيفته، أدى إلى انقطاع دخله المالي الشهري، وتدهور في حياتهم المعيشية.

 

ورغم كونها ربة منزل ولم يتجاوز تعليمها الثانوية العامة، فإن التحدي أمامها كان كبيرا لتعيل أسرتها الصغيرة بعد مرض زوجها، وكانت الانطلاقة لها خوض تجربة الأعمال اليدوية البسيطة، والاشتغال على تزيين المباخر الجصية بالخرز، معتمدة على موهبة فنية كانت تهواها منذ الصغر.

 

وبدأت رقية بعرض ما تنتجه على الأهل والصديقات والجيران، فلقيت التشجيع والدعم بشراء المباخر المزينة بحبات الخرز، مما شجعها على خوض تجربة ثانية تمثلت في صناعة البخور والعطور، وشكّل لها هذا الأمر منعطفا كبيرا في حياتها العملية.

 

أفكار وهوايات

 

ولم تقتصر أفكارها على صناعة البخور والعطور وتزيين المباخر الجصية بحبات الخرز، بل ضمت إليها هواية أخرى تمثلت في خياطة الملايات وأغطية فراش ووسائد النوم، وكلها أعمال تخص النساء ويقبلن عليها.

 

وعانت رقية معيشيا كغيرها من اليمنيات بسبب الانهيار الكبير للدخل المالي لمعظم الأسر باليمن، ودخول قطاعات كبيرة من اليمنيين في دائرة الفقر والحاجة والعوز، وكل ذلك نتيجة لاستمرار الحرب في البلاد والتدهور المتواصل للعملة المحلية الريال، وارتفاع أسعار معظم السلع الضرورية بشكل جنوني.

 

خطوات إلى الأمام

 

لكن العزيمة والإرادة، وأيضا الحظ كان يقف بجانب رقية، حيث أتيحت لها عام 2016 المشاركة في أحد البازارات الخاصة لسيدات أعمال نظم لأول مرة في صنعاء لعرض منتوجات يدوية وبخور وعطور محلية وأشغال فنية من خياطة الملابس التقليدية والإكسسوارات النسائية.

 

ودفعتها المشاركة في البازار خطوات إلى الأمام، حيث تعرف الكثيرون على أعمالها وتم شراء ما لديها تشجيعا ودعما لها، كما حظيت باهتمام سيدات أعمال ومنظمات حيث منحت دورات تدريبية مجانية لتمكينها من الاشتغال على مشروعها الخاص بحيث يدر عليها دخلا ماليا بشكل متواصل.

 

"بوتيك" منزلي

 

بعد معرفتها بأساليب التسويق والترويج والتركيز على مشروعها الخاص بشكل دائم، افتتحت رقية "بوتيك" (كشكا) في زاوية داخل شقتها المستأجرة يحتوي على ما تحتاجه المرأة من مستلزمات نسائية من ملابس وإكسسوارات وبخور وعطور، وهي الخطوة التي لاقت نجاحا كبيرا.

 

وخلال اشتغالها بأعمالها اليدوية وبيع منتجاتها، أتيحت لها المشاركة مجددا في دورات تدريبية تنمي الذات والمهارات، وكان أهمها الالتحاق بدورة مدربين حيث تمكنت إثرها من الانتقال إلى تدريب النساء في كيفية صناعة البخور والعطور، وصارت مدربة معتمدة من معهد الأيتام، وأقامت دورات لنساء في منظمة "همة شباب".

 

النجاح دائما يقود للنجاح، ولذلك تبدو رقية -كما تقول- في تقدم مستمر في حياتها العملية، وهي الآن تعمل على الحصول على منحة لتمويل مشروعها الخاص، والخروج بالكشك من المنزل للخارج حيث تبرز بوصفها صاحبة مشروع وتجارة، بعد أن كانت سابقا ربة بيت متقوقعة على ذاتها وأسرتها فقط.