فيما يخيم الآلاف من رجال القبائل منذ ديسمبر الماضي في أطراف محافظة مأرب انتظاراً لمعركة يعتقد الكثيرون أنها الفاصلة مع الحوثيين الذين بسطوا سيطرتهم على معظم محافظات شمال اليمن، فإن دول الخليج ومعها المجتمع الدولي تضغط لعودة مسار التسوية السياسية لأنه الأقل كلفة لليمن والمنطقة والعالم.
ويقول أفراد القبائل في مأرب والمسنودين بمقاتلين من محافظتي الجوف والبيضاء إن الحوثيين يخططون لاجتياح مأرب التي تنتج نصف صادرات اليمن من النفط وتوجد بها حقول الغاز الطبيعي، ومحطة الكهرباء الرئيسية. لكنهم يأملون ان تؤدي الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارسها دول الخليج والمجتمع الدولي إلى إرغام الحوثيين على التراجع عن الانقلاب.
ووسط خشية واضحة من تأثير العزلة التي فرضت على اليمن بسبب ما أقدم عليه الحوثيون، فإن أفراد قبائل مأرب يرابطون في مخيماتهم ويستعرضون بسيارات النقل ترسانة الأسلحة التي يمتلكونها ويرددون الأهازيج القتالية لرفع معنوياتهم، وينفون بصورة قاطعة إيواء عناصر تنظيم القاعدة ويعتبرون ذلك مبرّرات يسوقها الحوثيون للتمدد والسيطرة .
معركة فاصلة
ويدافع عناصر القبائل في مأرب بقوة عن موقفهم المناهض للحوثيين، وينظر الكثير من اليمنيين على أن معركة هناك ربما تكون الفاصلة إذا لم تتمكن دول المنطقة والعالم من إعادة إحياء المسار السياسي لأن سقوط مأرب يعني وضع الحوثيين يدهم على أهم منطقة لإنتاج النفط والغاز والكهرباء.
وتوحدت القبائل في مأرب وحيّدت الانتماءات للأحزاب، وأعلنت الغالبية المشاركة في مخيمات المقاتلين أو ما بات يعرف بـ «المطارح» بما فيهم قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتهم بتسهيل استيلاء الحوثيين على صنعاء.
واذ أدى توسّع الحوثيين بتلك السرعة والسهولة إلى إحياء تاريخ مليء بمآسي الصراعات بين المحافظات وبالذات مأرب والبيضاء وإب وتعز، فإن مكتب محافظ مأرب أكد لـ«البيان» أن «علاقة السعودية بالقبائل لا تتجاوز العلاقة المعروفة مع بعض زعمائها منذ أعوام». وأضاف: « تعتمد العشائر على إمكاناتها بشكل كبير وأفرادها مستميتون بالدفاع عن المحافظة حتى وإن كان هناك تفوق لدى الحوثيين من جهة التسليح بسبب حصولهم على أسلحة ثقيلة ومتطورة من معسكرات الجيش».
تسوية سياسية
ويرى المحلل السياسي عبد الغني الارياني أن قرار مجلس الأمن الدولي بشأن رفض الخطوة الانفرادية للحوثيين يعطي مؤشراً على أن المجتمع الدولي سيعمل على إعادة التسوية السياسية إلى مسارها لأن الصراع الدولي في اليمن سيقود إلى كارثة.
وأضاف: «الحوثيون هم من استدعوا الصراع الدولي، ولكن إعادة العملية السياسية إلى مسارها سيخفف من اي توجه لتسليح الجماعات القبلية، والسعودية ودول المنطقة ليس من مصلحتها استفزاز الأطراف الأخرى بموضوع التسليح وستدفع باتجاه إعادة العملية السياسية إلى مسارها».
ويردف: «الحوثيون ضربوا مقومات نجاح التسوية السياسية بإسقاط مؤسسات الدولة وإسقاط الشرعية التي تمثلت بالبرلمان ومؤسسة الرئاسة، وخلقوا حالة من عدم التوازن بين القوى».
المبادرة الخليجية
وتحدث الزعيم القبلي حمد بن وهيط الذي يرابط في المدخل الغربي لمحافظة مأرب مع عدد من مقاتلي القبيلة تحدث لـ«البيان» ونفى وجود مقاتلين لـ«القاعدة» في صفوف القبائل. وقال إنهم «يعتبرون القاعدة والحوثيين وجهان لعملة واحدة، فكلهم ينهبون المعسكرات ويقتلون الجنود ويدمرون مؤسسات الدولة». وأضاف: «نحن سنواجه القاعدة كما سنواجه الحوثيين باعتبارهم أعداء الشعب اليمني لا فرق لدينا بين الاثنين». وأردف: «نطالب دول الخليج وفي مقدمتها السعودية ان ترعى الحوار القائم اليوم وأن يضغطوا على الأطراف بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار باعتبار أن دول الخليج هي صاحبة المبادرة الخليجية».
تهديد
هدد الزعيم القبلي حمد بن وهيط بتفجير آبار النفط والغاز ومحطة الكهرباء إذا ما أقدم الحوثيون على استخدام الطيران في قصف مأرب بعد أن أصبحت القوات الجوية بيدهم.