الرئيسية > اخبار وتقارير > بعد انضمام فلسطين للإنتربول الدولي.. هل سيحاكم قادة إسرائيل؟

بعد انضمام فلسطين للإنتربول الدولي.. هل سيحاكم قادة إسرائيل؟

رغم الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية التي جرت خلف الكواليس خلال الأسابيع الأخيرة، حققت فلسطين نصراً جديداً بعد التصويت بالأغلبية لطلبها بالانضمام للجمعية العامة لمنظمة الشرطة الدولية (الإنتربول)، ليوجه المجتمع الدولي صفعة جديدة للدبلوماسية الإسرائيلية، بعد فشل جهودها في رفض الطلب الفلسطيني.

دولة الاحتلال راهنت طوال الأسابيع الأخيرة على قدرتها على إفشال طلب انضمام فلسطين للشرطة الدولية، لكن نتيجة التصويت التي وصلت إلى 75 دولة صوتت للقرار، قلب كل حساباتها، وأثار تخوفها من بقدرة الفلسطينيين الآن على إصدار أوامر اعتقال لضباط وسياسيين إسرائيليين، وتلقي معلومات حساسة عن "مكافحة الإرهاب".

وقبلت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، الأربعاء (27 سبتمبر 2017)، فلسطين عضواً فيها بتصويت 75 دولة مع القرار، مقابل 24 ضد طلب العضوية الفلسطيني، وامتنعت 34 دولة عن التصويت، وذلك خلال اجتماع الجمعية العامة للمنظمة في بكين.

وفي نوفمبر 2016، علّقت "الإنتربول" طلب فلسطين للانضمام إلى عضويتها، بعد أن صوت لانضمامها 56 عضواً، في حين صوت 62 عضواً بلا، وامتنع 37 آخرون عن التصويت.

واكتفى الفلسطينيون، العام الماضي، بإلقاء الضوء على الطلب الفلسطيني، ونجحوا هذا العام بإدراج طلب انضمامهم على جدول أعمال الجمعية العامة للإنتربول من أجل التصويت عليه.

- ورقة قوة جديدة

وزير خارجية السلطة الفلسطينية، رياض المالكي، أكد أن قبول فلسطين عضواً بالإنتربول "انعكاس للثقة في قدراتها (فلسطين) على إنفاذ القانون والالتزام بالقيم الأساسية للمنظمة".

ووصف المالكي في بيان له، وصل "الخليج أونلاين" نسخه عنه، القرار بـ"الانتصار الذي تحقق بسبب الموقف المبدئي لأغلبية أعضاء الإنتربول الذين دافعوا عن السبب الوجودي للمنظمة ومبادئها الأساسية"، مؤكداً أن نتائج التصويت "جاءت ساحقة".

ورأى المسؤول الفلسطيني أن أعضاء منظمة الشرطة الدولية "رفضوا بشكل واضح محاولات التلاعب والتسلط السياسي، وقد تغلبت الحقائق، والمبادئ على جميع الاعتبارات الأخرى"، مؤكداً أن "دولة فلسطين ستستمر في سعيها الدؤوب للرفع من مكانة ودور فلسطين على المستوى الدولي والدفاع عن حقوق شعبنا في الأمن والحرية بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة، وبما يشمل الانضمام للمؤسسات الدولية ذات العلاقة".

بدوره طالب واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بالابتعاد عن لغة الترحيب بانضمام فلسطين لـ"الإنتربول" الدولي، والتركيز الآن على كيفية استغلال هذه الخطوة المهمة في تحقيق انتصارات أخرى لمصلحة فلسطين.

وقال أبو يوسف لـ"الخليج أونلاين": "ما حققته فلسطين بالانضمام للشرطة الدولية يعد انتصاراً كبيراً للقضية الفلسطينية، ولكن هذا الانتصار يجب أن يستثمر بخطوات عملية توقف الاحتلال عن جرائمه التي يرتكبها بحق شعبنا بشكل يومي وممنهج".

وأضاف: "الانضمام لمؤسسة دولية جديدة بحجم "الإنتربول" هو حق لدولة فلسطين، رغم كل الخطوات والتحركات التي جرت خلف الكواليس من قبل اللوبي الإسرائيلي والأمريكي طوال الساعات التي سبقت التصويت، لتعطيله، لكن في النهاية نجحت فلسطين وتلقت الدبلوماسية الإسرائيلية صفعة جديدة من المجتمع الدولي".

وأشار أبو يوسف إلى أن هذه الخطوة تشجع فلسطين على إصدار قرارات لمحاكمة قادة إسرائيليين شاركوا في تنفيذ جرائم قتل وحرق بحق الفلسطينيين، وكذلك المشاركة في كل الاجتماعات التي تتعلق بالإرهاب الدولي وخطط مكافحته السرية، ودور فلسطين الجديد سيكون كذلك في كشف وجه إسرائيل الإرهابي أمام العالم.

ولفت العضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى أن فلسطين بدأت منذ شهور طويلة مرحلة محاصرة إسرائيل، والآن تحقق نجاحات كبيرة في ذلك، وبدء مرحلة محاسبة إسرائيل وقادتها على جرائمهم اقتربت كثيراً بمساعدة من المجتمع الدولي، الذي بات يرفض الظلم وينتصر للقضية الفلسطينية.

وحول إمكانية أن يستغل الرئيس عباس انضمام فلسطين للشرطة الدولية "الإنتربول"، في اعتقال النائب والمفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، الذي صدرت بحقه أوامر اعتقال من المحكمة بتهم فساد مالي وإداري، ويقيم خارج فلسطين، أكد عضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح" بالضفة، أن هذا القرار سيكون بيد عباس وحده، مشيراً إلى أن تقديم ملف دحلان للشرطة الدولية لاعتقاله وتسليمه للسلطة الفلسطينية "وارد" بأي لحظة.

وقال مسؤولون فلسطينيون في السابق: إن "أحد أهداف الانضمام لمنظمة الإنتربول الدولية هو القبض على مطلوبين فلسطينيين للقضاء بتهم فساد واختلاس ملايين الدولارات، يقيمون خارج الأراضي الفلسطينية".

ويعد "الإنتربول" أكبر منظمة شرطة دولية أنشئت في 1923، مكونة من عناصر تابعة لـ190 دولة، وتتخذ من مدينة "ليون" الفرنسية مقراً لها.

- فرصة للعدالة

نافذ المدهون، الخبير الفلسطيني في القانون الدولي، أكد أن فلسطين حصلت الآن على الفرصة الكبرى للبدء بملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي أولاً المتهمين بجرائم حرب، ومن ثم كافة الهاربين من العدالة الفلسطينية والمقيمين الآن في الخارج، من بينهم النائب محمد دحلان.

وقال المدهون لـ"الخليج أونلاين" إن انضمام فلسطين لـ"الإنتربول" ستكون له خطوات كبيرة جداً ومهمة لمصلحة القضية الفلسطينية، بعد أن أفشل الاحتلال وأعوانه الانضمام للمؤسسة الدولية خلال السنوات الأخيرة، واليوم تحقق هذا النصر الكبير".

وطالب الخبير في القانون الدولي بتوفر إرادة سياسية واضحة لدى الرئاسة الفلسطينية والحكومة، وتشكيل لجنة قانونية متخصصة وعاجلة للبدء في التحرك، وفتح كل الملفات المتعلقة بالجرائم الإنسانية والمالية والإدارية، والتعامل بكل جدية وحزم لاستغلال هذه الفرصة التاريخية.

وذكر أن فلسطين لها وضع قانون خاص وبحكم قوانين المعمول بها داخل مؤسسة "الإنتربول" وستكون قادرة على تقديم ملفات أي مجرم هارب للعادلة الدولية، مشيراً إلى هناك ملفات سابقة قدمت للمحكمة الدولية بتهم جرائم حرب، وسيتم الآن إعادتها ودراستها بحسب الوضع القانوني الجديد لفلسطين، وستصل يد فلسطين لكل مجرم هارب من العدالة أو ارتكب جرائم منافية للقوانين الإنسانية والدولية، وتوفر كذلك الحماية لشعبها.

إسرائيل تابعت من كثب نتائج التصويت في بكين، فوصفت الصحف العبرية ما جرى بأنه "هزيمة قاسية" لدولة الاحتلال لحساب الدبلوماسية الفلسطينية، في حين هاجم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، باراك نتنياهو، مؤكداً أن "فشلاً آخر لنتنياهو يكشف عن الفجوة بين الخطابات والواقع، والذي أدى لمزيد من الخطر والتهديد على إسرائيل".

وتتذرع إسرائيل بأن قبول فلسطين في الإنتربول سيؤدي إلى تسييس المنظمة، وأن الفلسطينيين يريدون دخول المنظمة بهدف مضايقة إسرائيل، كما تزعم الخارجية الإسرائيلية أن فلسطين، كعضو في الإنتربول، ستعمل على إصدار أوامر اعتقال ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين، إضافة إلى أن معلومات سرية تصل إلى الإنتربول بشأن الإرهاب وتمويله قد تصل إلى حركة "حماس" وعناصر إرهابية مرتبطة بحركة فتح، على حد زعمها.