الرئيسية > اخبار وتقارير > الحرب اليمنية تسفر عن مجازر وحشية ضد حقوق الإنسان وميليشيا الحوثي وصالح ترتكب النسبة الأكبر من الانتهاكات

الحرب اليمنية تسفر عن مجازر وحشية ضد حقوق الإنسان وميليشيا الحوثي وصالح ترتكب النسبة الأكبر من الانتهاكات

«لم ترتكب مجازر لحقوق الإنسان في تاريخ اليمن الحديث، مثلما ارتكبت خلال الحرب الراهنة»، بهذه الكلمات اختزل أحد النشطاء الحقوقيين وضع حقوق الإنسان في اليمن، التي أصبحت فيها الحقوق الأساسية مهدرة وأصبحت الحياة بلا أسوار «حيث أصبحت الحياة والموت سِيّان». 
حقوق الإنسان والحريات العامة وحرية الصحافة والرأي والتعبير في اليمن ذهبت أدراج الرياح مع انطلاق العمل العسكري للتمرد الحوثي المدعومة من القوات الموالية للرئيس السابق علي صالح في محافظة عمران، منتصف العام 2014 والتي أعقبها اجتياح العاصمة صنعاء والتمدد نحو المدن الأخرى جنوبا وغربا.
ومنذ ذلك الحين لا يكاد يمر يوم في اليمن إلا وترتكب فيه حالات فردية وجماعية من الانتهاكات المريرة لحقوق الإنسان، حيث أصبح المدنيون وقود هذه الحرب وضحاياها الدائمون الذين يكتوون بنارها كل يوم، بعد أن أكلت الأخضر واليابس وقرعت كل نواقيس الخطر.
تسببت سيطرة الانقلابيين الحوثيين وقوات صالح على العاصمة صنعاء في انهيار كامل لمؤسسات الدولة ولقوانينها، أعقبها فرض سلطة ميليشياوية في العاصمة صنعاء وفي المحافظات التي سيطرت عليها لاحقا، أسفرت عن نسف كل مرجعيات القانون والنظام وأصبح قول المشرف الحوثي في كل مكان هو القول الفصل.
تواكبت هذه العملية الانقلابية على السلطة الشرعية في اليمن بكم هائل من الانتهاكات لحقوق الإنسان في جميع المحافظات التي سيطرت ميليشيا الانقلابيين عليها كليا أو جزئيا، وتعددت حالات الانتهاكات الحقوقية بين القتل والاغتيال والاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب في السجون والتهجير القسري والتفجير للمنازل والمؤسسات التعليمية ونهب الأموال العامة والعقاب الجماعي بالحصار والتجويع وغيرها.
إلى ذلك أعلن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وهو ائتلاف حقوقي يضم 10 منظمات غير حكومية، عن مقتل 2737 مدنيا واصابة 7270 آخرين خلال العام 2016 في العديد من المحافظات اليمنية بينهم نساء وأطفال، اثر العمليات العسكرية التي شنتها ميليشيا الحوثي وصالح ضد المدنيين .
وأوضح المدير التنفيذي للتحالف الحقوقي مطهر البذيجي في التقرير الذي أطلقه التحالف قبل أيام، أن العام 2016 شهد أسوأ الممارسات ضد المدنيين في اليمن، تنوعت بين القتل والاصابة والاعدامات الميدانية والتعذيب المفضي إلى الموت وتجنيد الأطفال، وانتهاكات ضد أفراد وممتلكات مشمولين بحماية خاصة، وتفجير منازل الخصوم وهجمات ضد الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
وذكر انه من بين القتلى 531 طفلاً و 203 امرأة بينهم 1910 قتلوا بالقنص والقصف المباشر من قبل ميليشيا الحوثي صالح و240 قتلوا بهجمات تنظيمات متطرفة كالقاعدة واغتيالات من قبل عناصرهما.
وذكر البذيجي ان المحافظات التي شملها الرصد والتوثيق خلال العام 2016 أكدت سقوط 1910 قتيلا مدنيا بينهم 1503 بالقصف العشوائي والقنص المباشر و36 بالقتل خارج نطاق القانون و288 ضحايا الألغام و20 بالاغتيال، و45 موت جراء التعذيب و 18 قتيل من الإعلاميين والنشطاء.
وأوضح أن عدد القتلى جراء قصف ميليشيا الحوثي وصالح للأحياء والمناطق السكنية وصل إلى 1503 بسبب الشظايا، في حين سقط عدد 288 قتيلا مدنيا بينهم 16 امرأة و60 طفلا ضحايا الألغام الأرضية و20 حالة اغتيال لقيادات سياسية ومدنية ورموز قبلية مناوئة لميليشيا الحوثي وصالح في محافظتي (عدن، الضالع) جنوبا ومحافظة (ذمار) شرقا، كما وثق الفريق (36) حالة قتل لمدنيين خارج نطاق القانون قامت بها الميليشيا الانقلابية.
وأوضح تقرير التحالف الحقوقي ان اجمالي عدد المعتقلين الذين تم التوصل إلى بيانتهم خلال العام 2016 بلغ 5092 معتقلا بينهم 4882 لدى الميليشيا الحوثية و4 لدى تنظيم القاعدة و27 لدى جهات مجهولة، وتم توثيق 111 حالة تعذيب تعرض لها المعتقلين بينهم 79 داخل سجون الميليشيا الحوثية والتي تنوعت بين الإيذاء الجسدي والنفسي والصعق بالكهرباء والإعدام الصوري وامتهان الكرامة، فيما تم رصد 12 حالة وفاة لمعتقلين داخل سجون الميليشيا الانقلابية لإعلاميين ونشطاء و210 حالة اختفاء قسري لمدنيين.

حالات الاختفاء القسري للمدنيين

وتصدرت محافظة حجة قائمة المحافظات من حيث عدد حالات الاختفاء القسري للمدنيين بواقع 65 حالة تلتها صعدة بعدد 33 حالة ثم صنعاء بـ 29 حالة اختفاء قسري ثم العاصمة صنعاء بعدد 23 ثم محافظة البيضاء 17 حالة، حيث بلغ اجمالي عدد المخفيين قسراً 210 بينهم 92 سياسيا و 33 ناشطا و 39 عاملا و 17 تربويا و 13 عسكريا و 7 إعلاميين، 9 اخرون. وأضاف البذيجي ان «التحالف اليمني وثق ورصد 3371 انتهاكا متعلقا بتفجير كلي أو جزئي وهدم واستيلاء على ممتلكات عامة وخاصة، حيث قامت ميليشيا الحوثي وصالح بنسف وتفجير 161 منزلا ونسف وتدمير 22 منشأة عامة و3 منشآت تم تفجيرها من قبل تنظيم القاعدة، وتصدرت محافظة تعز أكثر المحافظات في تفجير المنازل تلتها محافظة الضالع».
واشار إلى «ان فريق التحالف اليمني حصل على أدلة وقرائن تثبت تورط ميليشيا الحوثي وصالح في نهب ومصادرة عدد 87 قافلة مساعدات إغاثية قدمت لليمن خلال العام 2016 ومنع دخول أي مواد إغاثة إلى بعض المناطق الواقعة تحت حصارها من بينها محافظتي تعز والبيضاء والتلاعب بمخصصات السكان المتضررين في نطاق سيطرتها وتسخير جزء كبير منها لتمويل جبهاتها تحت ما تسميه بالمجهود الحربي». 
وتم توثيق 1600 حالة حرمان من التعليم في مختلف المراحل الدراسية خلال النصف الأول من 2016 ورصد وتوثيق 396 واقعة قصف على الأحياء السكنية و87 مداهمة مسلحة استهدفت أحياء سكنية في 11 محافظة يمنية.
وطالب التحالف الحقوقي اليمني لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بتخصيص عـدد مـن أعضائها لزيـارة اليمن والتحقيق فـي كل عمليات التعذيـب والإخفاء القسـري المرتكبـة، ورفـع تقريـر بـكل مـا سـتتوصل إليـه اللجنـة وكشف كل مرتكبـي جرائـم التعذيـب فـي اليمـن، تمهيـداً لتقديـم ملفـات قضائيـة بـكل جرائـم التعذيـب ومرتكبيهـا.
إلى ذلك ذكر وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح أن «ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية احتجزت ونهبت منذ اغتصابها للسلطة في 2014 إلى آذار/مارس 2017 أكثر من 63 سفينة اغاثية في مينائي الحديدة والصليف وميناء عدن».
وأوضح أن السفن المحتجزة كانت تحمل مساعدات إنسانية وإيوائية وصحية للنازحين والمتضررين من القصف الذي تقوم به الميليشيا الانقلابية على المحافظات اليمنية. مؤكدا أن «الميليشيا الانقلابية قامت أيضاً باحتجاز ومصادرة أكثر من 223 قافلة اغاثية محملة بالمساعدات الإنسانية والاغاثية، غذائية وطبية وايوائية لعدد من المحافظات اليمنية».
وأشار الوزير إلى أن «الميليشيا الانقلابية تقوم ايضاً بنهب ومصادرة عدد من القوافل الاغاثية المخصصة للمحافظات الخاضعة لسيطرتها ويتم مصادرتها باسم المجهود الحربي، اضافة إلى بيعها في السوق السوداء». 
وفي ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن حيال انتهاك حقوق الإنسان وقمع الحريات العامة، ما زال نحو 20 صحافيا يمنيا يعيشون في غياهب السجون والمعتقلات، منهم 18 على الأقل في المعتقلات الحوثية، بصنعاء ومناطق أخرى، ويعاني أغلبهم من التعذيب الجسدي والنفسي المستمر في هذه المعتقلات منذ قرابة العامين ولم تنجح كل الجهود المحلية والدولية لإطلاق سراحهم، حيث يُصرّ الحوثيون على التعامل معهم كأسرى حرب، بينما اعتقلوا جميعا من منازلهم أو اختطفوا من الشوارع والأماكن العامة. 
وتقول تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية، أن هؤلاء الصحافيين يعيشون أسوأ حالات الاعتقال بدون أدنى الحقوق الآدمية ولم يسمح لأهليهم بزيارتهم أو تعيين محامين للدفاع عنهم كما لم يقدموا للمحاكمات للبت في قضاياهم، إثر انهيار المنظومة القضائية والعدلية في البلاد وغياب سلطات الدولة في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون.

المركز 170 في حرية الصحافة

وأثّر ارتفاع حالات الانتهاكات المرتكبة في اليمن على أيدي الحوثيين بشكل كبير على ترتيب اليمن في جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2016 حيث احتل اليمن المركز 170 من أصل 180 دولة. 
ويضاف إلى ذلك امتلاء السجون والمعتقلات الحوثية بالآلاف من المعتقلين السياسيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث تقدر المصادر الحكومية عدد المعتقلين لدى الانقلابيين وصالح قرابة 5000 معتقل منذ منتصف العام 2014 وحتى نهاية الشهر الماضي، ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب الجسدي.
وأكدت العديد من المصادر والتقارير الحقوقية وفاة العشرات من المعتقلين السياسيين في سجون الميليشيا الحوثية، حيث يتم إخراج هؤلاء المعتقلين جثثا هامدة أو على حافة الوفاة، أو يموتون بعد أيام من إطلاق سراحهم.
ولشدة القمع للحريات العامة وحرية التعبير لا يجرؤ أحد من النشطاء في العاصمة صنعاء وبقية المدن اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون من زيارتهم أو التظاهر في شوارع المدن للمطالبة بالافراج عنهم، حتى أصبحت قضاياهم في عداد القضايا المنسية بعد أن طال أمد اعتقالهم وانحسار الأمل في الإفراج عنهم في المدى المنظور.
ولم يبق من وسيلة للتذكير بحالات المعتقلين السياسيين سوى الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات الأسبوعية التي تنظمها رابطة أمهات المختطفين في العاصمة صنعاء للمطالبة بإطلاق سراح أبناءهن الذين غيبتهم المعتقلات الحوثية.
وأطلقت الرابطة قبل أيام حملة إعلامية إلكترونية واسعة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهن، أسمتها (حملة #أم_المختطف) وقالت في بيان إطلاق الحملة «في الوقت الذي تعيش فيه نساء العالم فرحة يوم المرأة العالمي تكريما لهن، تعيش الآلاف من أمهات اليمن بحزن وقلق دائم جراء اختطاف أبناءهن الذين يقبعون خلف قضبان سجون ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح دون مسوغ قانوني أوتهم توجه إليهم».
وأوضح البيان الممارسات التعسفية التي تمارسها الميليشيا الحوثية في حق المختطفين من الإخفاء القسري والتعذيب حد الموت، وأكد أن عدد القتلى تحت التعذيب في المعتقلات بلغ 71 حالة، فيما لا يعرف مكان احتجاز الكثير من المخطوفين والمخفيين قسريا حتى اليوم.
وقالت رابطة أمهات المختطفين ان حملتها الإعلامية تتزامن مع يوم المرأة العالمي 8 آذار/مارس وستسمر حتى 21 آذار/مارس، الذي يصادف يوم عيد الأم، ليسمع العالم صوت أمهات المختطفين خلف قضبان ميليشيا الانقلاب.
وناشدت الرابطة الضمير الإنساني ومنظمات حقوق الإنسان الدولية وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة ووسائل الإعلام العربية والدولية وكل الناشطين والحقوقيين، بأن يقفوا معها في المناداة بعدالة قضية المختطفين والمخفيين قسراً.