الرئيسية > اخبار وتقارير >  الحرب في اليمن فرصة لترامب لإحداث تغيير إيجابي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة

 الحرب في اليمن فرصة لترامب لإحداث تغيير إيجابي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة

خرج محللون أمريكيون باستنتاج قد يبدو، للوهلة الأولى، مثيرا للاستغراب وهو ان الحرب الأهلية في اليمن ستكون المحك والاختبار الحقيقي لإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رغم أهمية وخطورة صراعات أخرى في المنطقة مثل الحرب في العراق وسوريا وليبيا، والسر هنا يكمن في ان موقف ترامب من حرب اليمن سيوفر فرصة لالتقاط رؤية واضحة للسياسة الخارجية الأمريكية في السنوات الأربع المقبلة وفرصة أخرى لاستكشاف هوية الجماعات الاستشارية التي سيستمع لها الرئيس الأمريكي الجديد، هل سيميل، على سبيل المثال، إلى التيار البراغماتي الذي يمثله في الإدارة مستشار الأمن القومي الجنرال المتقاعد مايك فلين، وهو تيار يركز على محاربة الجماعات الإسلامية المتطرفة أم سيميل ترامب أكثر إلى تيار المحافظين الجدد الذين يرون في النفوذ الإيراني تهديدا رئيسيا للاستقرار الإقليمي؟
الاهتمام السياسي والإعلامي الأمريكي بحرب اليمن لا يحظى بتغطية مناسبة رغم ان الحرب هناك لا تقل وحشية عن حروب سوريا والعراق وأهمية حسمها من أجل استقرار المنطقة، وقد تبدو معالم الصراع بسيطة للغاية، فجماعة الحوثي الزيدية الشيعية المدعومة من إيران تسيطر على شمال غرب اليمن وهي تقاتل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي حكومة شرعية مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية. ولكن حرب اليمن، في الواقع، معقدة أكثر وتضاريسها السياسية أشد عمقا من السياسة البيزنطية على حد تعبير «ناشونال انترست» والمنصات الإعلامية الأمريكية.
وقد كان تنظيم «القاعدة في شبه جزيرة العرب» في اليمن والذي يعد من أخطر فروع القاعدة في العالم في مرحلة من الهزائم والضعف حيث تعرض التنظيم لنقص في التمويل وصعوبة في التجنيد ولكن الصراع بين جماعة الحوثي والحكومة إضافة إلى الحملة الجوية للتحالف السعودي أدت إلى تغيير الأمور فالتنظيم أصبح لديه القدرة على التحول إلى حالة الهجوم، وفي الأشهر الأولى من الحملة الجوية، تمكنت جماعة القاعدة من الاستيلاء على مخازن الأسلحة والعتاد كما داهمت فرع البنك المركزي.
واستعادت القوات السعودية والعربية مدينة المكلا من قبضة تنظيم «القاعدة» ولكن استنتاجات الخبراء كانت تفيد ان خسارة المدينة الاستراتيجية لم تؤثر بالفعل على عزيمة التنظيم بل أصبحت قدرة الجماعة على الحركة أكثر مرونة.
الأولويات التي حددها ترامب في حملته الانتخابية أكدت على ضرورة محاربة الجماعات المتشددة مع الإشارة إلى فرصة العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا كما وصف الرئيس المنتخب مرارا وتكرارا الاتفاق النووي مع إيران بانه أسوء صفقة تفاوضية وهذا يحمل على الاعتقاد بان ترامب يستمع إلى المحافظين الجدد مثل السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون مما يعنى ان التركيز سيكون على دحر النفوذ الإيراني في المنطقة على حساب محاربة الجماعات المتشددة.
والاعتقاد الشائع عند العديد من المحللين الأمريكيين هو ان هناك فرصة لترامب لتحقيق كثير من الأهداف في اليمن وان الأطراف المتنازعة هناك لن تحقق انتصارات حاسمة مع تحذير من ان استمرار الوضع سيؤدي إلى كارثة إنسانية وان استمر الصراع سيؤدي في الواقع إلى مزيد من الفقر والفوضى وهي عوامل تساعد على ازدهار الجماعات المتشددة مثل القاعدة.
استجابة إدارة ترامب للحرب في اليمن كما يقول مايكل هورتون كبير المحللين في الشؤون العربية في مؤسسة جورج تاون ستروى لنا الكثير عن مسار السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي المنتخب في السنوات المقبلة، ووفقا لاستنتاجات الخبراء في الولايات المتحدة فإن ترامب سيجد نفسه مضطرا لاتخاذ موقف حاسم تجاه وجهات النظر المتباينة حوله فهو أمام خيار مواصلة دعم السعودية في محاولتها وقف النفوذ الإيراني في اليمن والمنطقة أو اتخاذ تدابير من شأنها التركيز على محاربة الجماعات المتشددة، وفي جميع الأحوال، ينبغي على ترامب إنهاء الحرب هناك وإظهار نوع من القدرة والقيادة على معالجة الصراعات التي تتطلب حسابات واقعية وردود متوازنة.
وقد استفسر العديد من الصحافيين ترامب أثناء الحملة الانتخابية عن موقفه من تقديم مساعدة أمريكية عسكرية إلى السعودية في الحرب في اليمن فاجأب بالنفي قائلا بان ينبغي على الولايات المتحدة البقاء بعيدا عن الصراعات التي لا تمثل تهديدا على الأمن القومي الأمريكي، هذه الإجابة قد تتغير في الشهر المقبل عندما يستلم ترامب منصبه في البيت الأبيض حينما يكتشف ان الإجابة لا تناسب «الموقع القيادي» لرئيس الولايات المتحدة الذي تتتركز مهمته الأولى على منع التهديدات الأمنية المباشرة وغير المباشرة على الأمن القومي الأمريكي.
وقال المحلل مايكل دوغريتي من «ذا ويك» ان لترامب فرصة في جلب التغيير الإيجابي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة إذا حاول إنهاء الحرب في اليمن، ووفقا للتحليل الذي قدمه حول الصراع في اليمن فان للولايات المتحدة دور لا يستهان به في حرب اليمن حيث تقدم واشنطن مساعدة عسكرية للسعودية وهي تحدد لطائرات التحالف الأهداف، والقوات الأمريكية الخاصة موجودة على أرض الواقع في اليمن بهدف ظاهري هو محاربة الجماعات المتطرفة المحلية مثل القاعدة، وإذا تمكن ترامب من إنهاء الصراع فإن من شأن ذلك تخفيف التوتر بين السعودية وإيران وزيادة الاستقرار في المنطقة.
ولاحظ دوغريتي ان عددا من مستشاري ترامب قد يقنعونه بإعادة النظر في شروط العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والسعودية ووقف المساعدة العسكرية كوسيلة ضغط على المملكة من أجل وقف دعم الرياض لحكومة هادي وخفض التوقعات السعودية بتشكيل حكومة موالية بالكامل في فترة ما بعد الحرب.
الحرب في اليمن غير أخلاقية وغير عادلة وقد شردت أكثر من ثلاثة ملايين يمني من منازلهم وقالت الأمم المتحدة ان الحرب هي سبب إنعدام الأمن الغذائي في البلاد ورغم ان الحرب لا تهدد سكان الولايات المتحدة بشكل مباشر فإنها تساهم في اضطراب ومزيد من الفوضى في الشرق الأوسط، وهو وضع تستفيد منه الجماعات الإرهابية الدولية.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)