أثارت تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بعدم السماح للحوثيين بالاستيلاء على اليمن، وأن الفرصة متاحة أمامهم للانضمام للعملية السياسية والتوصل إلى اتفاق من أجل مصلحة اليمن، تساؤلات حول إمكانية فتح صفحة جديدة معهم، خاصةً أنها جاءت متزامنة مع جولة لوفد الحوثي في محاولة للبحث عن شرعية لمجلسهم السياسي لإدارة اليمن، إلا أنها محاولة اصطدمت بعزلة قاسية.
وانطلق وفد الحوثي في زيارة، مساء الأحد، إلى العراق، يعقبها لبنان، ثم إيران، في محاولة لاختراق "جدار العزلة" الذي رسموه لأنفسهم عقب إعلانهم تأسيس مجلس سياسي لإدارة اليمن في 28 يوليو/تموز الماضي، بعدما أفشلوا مشاورات الكويت، إلا أن تحركاتهم لم تلق رواجاً كما هو الحال بعدما أسسوا مجلسهم الرئاسي في فبراير/شباط 2015.
وتوقع الحوثيون أن يلقى إعلان تأسيس المجلس السياسي صدى إقليمياً، معتمدين على الدول الداعمة لهم سياسياً وعسكرياً، الأمر الذي انعكس على تعطيلهم لمسار التفاوض السياسي بالكويت.
- شرعية مفقودة
وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أكد في لقائه بوفد الحوثي أن الأزمة اليمنية يجب أن تحل وفق الحوار السياسي اليمني اليمني، ما يدل على أن الشرعية التي يبحث عنها الوفد لم تلق قبولاً برغم حرصهم على لقاء تيار طائفي واحد يتمثل في الشيعة بالعراق لضمان الدعم.
الجولات المكوكية للوفد، وانتقاء تيارات دون غيرها في لقاءاتهم، تدل على أن لا مكان للحوثيين على المستوى الإقليمي باعتبارهم ممثلين عن الشعب اليمني، وأن الشرعية التي يبحثون عنها بعيدة المنال، وأن اختياراتهم في تلك الدول لم تخرج إلا عن التيارات التي تسبب قلقاً إقليمياً لدى دول الجوار، ولم تتوقف عن الاستمرار في زعزعة استقرار تلك الدول، ما يدل على أن تحركات الوفد الصفرية لن تثمر إلا عن نتيجة صفرية أيضاً.
- إيران.. الداعم الأكبر
المحيط السياسي الذي يمكن للحوثيين التحرك فيه بحرية هو نفسه المحيط الذي تتحرك فيه إيران، فضلاً عن نهاية الزيارة بطهران للتأكيد على استمرار الولاء الطائفي والسياسي، واستمرار الاستيلاء على السلطة، ورفض الانتماء العربي.
وبرغم تحركاتهم المكوكية باسم المجلس الرئاسي الذي شكلوه، فإنه لا يوجد دولة من تلك الدول اعترفت بهذا المجلس، فضلاً عن محاولاتهم البحث عن مصادر تمويل في ظل التضييق الدولي وقرارات مجلس الأمن بعقوبة وتجريم كل من ساعدهم على تحويل الأموال للداخل أو للخارج اليمني.
ويسعى الوفد الحوثي إلى المحافظة على ولائهم لإيران؛ بغرض ضمان استمرار الدعم المالي والعسكري، خاصةً بعدما انسحبوا من مشاورات الكويت، وحالة الفراغ التي باتوا يعانون منها بعد رفض التحالف العربي بقيادة السعودية رجوعهم إلى العاصمة اليمنية صنعاء، في ظل استمرار استهداف طائرات التحالف لمناطق تمركزهم حول العاصمة صنعاء.
- تحركات سابقة باءت بالفشل
وسبق للحوثيين القيام بجولات مكوكية سابقة بحثاً عن شرعية مفقودة، وكسب تأييد دولي، حيث علّق في فبراير/شباط 2015، عضو اللجنة العليا بجماعة أنصار الحوثي، ضيف الشامي، على جولة للحوثيين قاموا بها آنذاك، أنها بدأت بـ "العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة تستغرق عدة أيام في محاولة لكسر العزلة الدولية المفروضة عليهم منذ إصدارهم "الإعلان الدستوري" في السادس من فبراير/شباط الماضي"، وقاموا بزيارات رسمية للعديد من دول العالم أبرزها القاهرة وباريس وموسكو.
ويخشى محللون من أن تكون تحركات الحوثيين جاءت بإيعاز دولي، ربما لسحب ورقة الشرعية من الحكومة، وخلط الأوراق، وإنهاك الأطراف في صراع طويل الأمد، خاصةً أن تحركاتهم المكوكية جاءت بعد أيام قليلة من زيارة قام بها المبعوث الأمم إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى العاصمة صنعاء، وقد التقى خلالها بالمخلوع صالح وآخرين، مع أنه مشمول بعقوبات دولية أقرها مجلس الأمن؛ بتهمة عرقلة الانتقال السياسي في اليمن.
تأتي تلك المخاوف عقب تسريب وثائق تابعة للأمم المتحدة كشفت إحداها عن مخاطبة الأمم المتحدة أحد قيادات الحوثيين بصفته قائماً بأعمال وزير الخارجية، في الوقت نفسه الذي تعترف فيه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالدكتور عبد الملك المخلافي وزيراً لخارجية اليمن في الحكومة الشرعية برئاسة هادي.
الوثيقة الأممية طالبت القيادي الحوثي بتقديم معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ما يجعل الأمم المتحدة تورط نفسها بجريمة أخرى، حول مدى المصداقية التي توليها للقيادي الحوثي في حين تمارس جماعته انتهاكات واضحة بحق الإنسان طفلاً كان أو امرأة، ونالت تلك التجاوزات جميع المهن ومن ضمنها الخدمي والسياسي والعسكري.