الرئيسية > ثقافة وفنون > الثقافة الشعبية اليمنية.. حاضنة التنوع الإنساني استمع

الثقافة الشعبية اليمنية.. حاضنة التنوع الإنساني استمع

الثقافة الشعبية اليمنية.. حاضنة التنوع الإنساني استمع

لا شك في أن اليمن بحضارته الضاربة في عمق التاريخ، وعلى امتداد مساحة أرضه، هو موطن لإرث إنساني متنوع، احتضن عبر العصور ثقافات متعددة، عاشت مع بعضها وصُهرت لتشكل ثقافة شعبية متميزة في مختلف جوانب الحياة اليمنية، فكان لهذه الثقافة بصمتها الخاصة في الشعر الشعبي، والأغاني الشعبية بجميع ألوانها وما يرافقها من ألحان، وموسيقى، إضافة إلى اللباس الشعبي، والحكايات والأساطير، والأمثال والأقوال والطرائف التي شكلت مظاهر التراث الفلكلوري، ما بين الحضر والريف والسواحل والبداوة.

 

على صعيد الأدب الشعبي يبرز الشعر كأحد أهم مقومات هذا الأدب، فيما يعرف شعبياً في اليمن باسم «الزامل»، والزامل في ثقافة المجتمع اليمني، فن وأدب راقيان، وملكة يحظى أصحابها بتقدير اجتماعي كبير. كما يعكس هذا النمط الشعري الشعبي سمات الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ويتربع على أجناس الأدب الشعبي الذي صار يجيده معظم رجال القبيلة في اليمن.

 

ويعرف الزامل بأنه لون من ألوان الشعر الشعبي اليمني وأكثر أجناسها حضوراً، وهو نوع من الرجز الشعري، يلجأ إليه أبناء اليمن عندما يكونون في حالة حرب أو خصام، فيقف قائدهم وهو في الأغلب يجيد نظم الزوامل، فيرتجز بضعة أبيات بلهجته العامية، فيتلقفها القوم، وينغمونها بأصواتهم، ثم ينشدونها جميعاً، لإثارة الحماس وتحفيز الهمم. وكذلك إذا أرادت مجموعة من الناس أو قبيلة من القبائل أن تحقق لها مطلباً من مسؤول أو حاكم فإنها توفد من يمثلها، ولحظة وصولهم ينشدون الزامل الذي قد وضعوا فيه مطالبهم، ويكون الزامل عادة باللغة العامية وتتفاوت القطعة منه ما بين اثنين وثمانية أبيات.

 

ومع الوقت تحول الزامل إلى فلكلور وثقافة شعبية في مختلف أرجاء اليمن، فتعددت أغراضه بتعدد وسائل الحياة وأحداثها وتقلباتها، فنجده حاضراً في الفواجع وفي المناسبات والاستقبال والوداع والمفاخرة، كما نجده منبراً حراً معبراً ومعززاً للقيم النبيلة السامية في التعايش والانتصار للمظلوم، وأداة لتدوين التاريخ والأحداث عبر الزمن.

 

لقد رافق إلقاء الشعر بمختلف أنواعه، رقصات وأغاني أخذت طابع المناسبة أيضاً، وتشتهر الكثير من مناطق الجمهورية اليمنية بالرقصات المختلفة، ولكل محافظة ومنطقة خصوصيتها وتراثها الخاص، وكل من هذه الرقصات تمثل تراثاً متميزاً عن الآخر من حيث إيقاعاته وأسلوب الحركة والأشياء المستخدمة أثناء تأدية الرقصة.

 

ويحتوي كل إقليم من أقاليم اليمن على تفاصيل فلكلورية كثيرة، فإذا توقفنا عند حضرموت على سبيل المثال فنجد أن هذا الجزء بحكم ارتباطاته الجغرافية، تميز بتعدد الرقصات تعدداً هائلاً، فهناك رقصات ذات طبيعية يمنية خالصة، ورقصات أفرويمنية، ورقصات آسيويمنية.

 

وبحكم اتساع مساحة حضرموت تعددت المناطق فيها وتنوعت بالتالي الرقصات، إذ توجد خمسة أنماط لرقصات حضرموت: رقصات وادي حضرموت، رقصات الشريط الساحلي، رقصات وادي دوعن، رقصات وادي حجر، ورقصات بادية حضرموت.

 

وينطبق الحال نفسه على المناطق اليمنية الأخرى المنتشرة في المرتفعات الجبلية والهضاب الوسطى والسهول الساحلية.

 

وللرقص اليمني خصوصيات واضحة سواء من حيث إيقاعاته الموسيقية أو أدوات الإيقاع المعروفة والجمل الموسيقية أو من حيث حركاته وتعبيراته البدنية الفنية، ويمكن حصر الرقصات اليمنية، في ثلاث رقصات هي الأكثر شهرة، أولها: «الزفين»، ويرقصها اثنان على نغمات وإيقاع الآلات الشعبية في حضرة جمع من المتفرجين على شكل دائري أو مستطيل، وقد تؤدى هذه الرقصة بمشاركة رجل وامرأة، والثانية، هي: «الشرح»، وتؤدى بمصاحبة الإيقاع وسط جمع من المتفرجين على هيئة دائرة كبيرة، ويشارك المتفرجون بالتصفيق والأغاني، وتؤدى هذه الرقصة من قبل اثنين قد يكون أحدهما امرأة في مناطق معينة. أما الثالثة، فهي: «البرع»، وهي رقص قوي سريع يؤديه الرجال باستخدام الخناجر، وتضاف أحياناً البنادق مستعرضة على الأكتاف، وذلك بمرافقة عدد من الإيقاعات الخاصة على الطبول، ويعرف هذا النوع برقصة الحرب.

 

ويستتبع هذا التعدد في الرقصات تعدد الأغاني الشعبية والأشكال الفلكلورية الأخرى مما يعكس ثراء عظيماً للمادة الفلكلورية في اليمن، وتختص موضوعات هذه الأغاني، بين أغاني الحرف والمهن، وأغاني الطقوس الاجتماعية، فهناك أغاني السناوة، التي تردد أثناء سحب الماء بالدلو، وأغاني المرعى، أغاني الزراعة، أغاني الجمالة، أغاني السيول، و أغاني الصيادين، وأغاني التجلوب التي تخص المرأة في شريط حضرموت الساحلي.

 

وعلى صعيد آخر، تعتبر الأزياء الشعبية من أهم معالم الثقافة الشعبية اليمنية، وهي تختلف جذرياً من منطقة إلى أخرى وذلك حسب عدة عوامل كاختلاف الجو واختلاف المواد المستخدمة في صناعة الأقمشة وغيرها.

 

فالمرتفعات الجبلية امتازت أزياؤها بالدقة في النسج والفخامة في المادة النسيجية، وهي تغطي كامل أجزاء الجسم، وغالباً ما تكون الأكمام طويلة وتنتهي بياقة مقفلة أو أكمام واسعة جداً مثل قميص العرس، ومن أبرز سمات الأزياء التقليدية في المرتفعات غطاء الرأس فالرجال يضعون عمامة، وهي عبارة عن كوفية وشال تسمى (سماطة رشوان)، والنساء يضعن سماطة طاس، وهي وشاح مصنوع من الحرير.

 

أما بالنسبة للسهول الساحلية، والتي تمتاز بجوها الحار، فأزياؤها التقليدية تعتمد على القطن والكتان لرقة المنسوج ونعومته، كما أن الأهالي يرتدون قميصاً إضافياً فوق الثوب المنسوج عند الخروج وهو عبارة عن قميص مصنوع من القطن المخلوط بكتان ويصمم كقطعة مربعة بدون تحديد معالمها وتبدأ الأكمام من بداية القميص حتى نهايته وهي متسعة جداً.

 

وتضع المرأة قماشاً قطنياً مصبوغاً بلونين أحمر وأسود، كغطاء على رأسها بينما يضع الرجل كوفية قطنية ويلف حولها عصابة بيضاء وعند نهاية الكوفية تكون الظلة المصنوعة من سعف النخيل ذات شكل مخروطي وعلى الكتف توضع لحفة على الجسم وتكون ملونة في الأغلب.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)