تفجّرت صراعات داخل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يُعد الرئيس عبدربه منصور هادي والرئيس السابق علي عبدالله صالح من أبرز قياداته.
وبرزت الخلافات إلى السطح مؤخراً عقب العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن ضد صالح، الذي يعتقد أن هادي هو من طالب بها، والتي دفعت صالح إلى إصدار قرار تنظيمي بعزل هادي من منصب "نائب رئيس الحزب والأمين العام "، وكذا عبدالكريم الإرياني من "النائب الأول لرئيس الحزب".
ومنذ تولى هادي الحكم عام 2012، احتفظ صالح بالسيطرة على قرار اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي وهي أعلى هيئة في الحزب ولم ينل الرئيس من دعم حزبه إلا ما تأتى من بضعة قادة مؤتمريين انحازوا إليه منذ بداية حكمه بقيادة النائب الأول لرئيس المؤتمر عبدالكريم الإرياني.
وتظهر الأزمة الأخيرة – بشكل عكس توقعات 2011- فشل الرئيس هادي كقائد سياسي في السيطرة على المؤتمر الشعبي العام برغم نجاحه كقائد عسكري في السيطرة على وحدات الجيش كالحرس الجمهوري والأمن المركزي الذي كان يسيطر عليها صالح.
كما بدت محاولة هادي في السيطرة على المؤتمر الشعبي العام عبر مهاجمة اليمن اليوم ومحاصرة جامع الصالح ، محاولة لتحقيق أهداف سياسية بأدوات عسكرية.
وأبرز الخلافات بينهما، قيام هادي بإيقاف قناة "اليمن اليوم" التي يملكها أحمد نجل صالح، عقب تغطيتها مظاهرات في العاصمة صنعاء في يونيو الماضي، والتي اعتبرها هادي "محاولة للانقلاب على حكمه".
وأرجع الناطق باسم حزب المؤتمر، إقالة هادي من منصب الأمين العام، رفعه باسم رئيسه (أي رئيس الحزب)، إلى مجلس الأمن كأبرز معرقلي التسوية السياسية في اليمن.
واتهم عبده الجندي الرئيس هادي بـ"تهميش حزب المؤتمر في الحياة السياسية اليمنية، وتوجهه لدعم الإخوان في اليمن".
قلب الطاولة على هادي
وزير سابق في عهد صالح رجح أسباب تلك الخلافات إلى تجاهل الرئيس هادي لحزب المؤتمر، وعدم التواصل مع قياداته منذ تعيينه رئيساً للبلاد.
وقال القاضي حمود الهتار لـ"مندب برس" ان الخلاف حول رئاسة المؤتمر بدأت منذ انتخب هادي رئيساً لليمن، الأمر الذي دفع صالح إلى استغلال خروجه من السلطة، بالتواصل مع قيادات الحزب، ما ساعده في إصدار قرار عزل هادي عن الأمانة العامة للمؤتمر.
وأضاف "الخلاف القائم ينعكس سلباً على القيادات في المؤتمر، لكنه لن يحدث انشقاقاً كما يتوقع البعض ان يحدث والكل حريص على بقاء المؤتمر، وأعتقد أن هادي اعتزل من المؤتمر قبل ان يعزل حيث لم يعطي حزبه منذ انتخابه رئيساً لليمن من وقته ولم يلتقي قيادات المؤتمر الا مرة او مرتين فقط، اما اللجنة الدائمة فلم يكن بينه وبينه أي تواصل.
فيما رأى الكاتب والمحلل السياسي عبدالحكيم هلال ما يحدث بصراع داخلي، يتجه نحو التصعيد أكثر.
وقال هلال لـ"مندب برس"من المؤكد أن صالح، من خلال تجاوب قيادات الحزب معه في خطوته الأخيرة، يكون قد خطا خطوة هامة في قلب الطاولة على خصمة الرئيس هادي.
وأوضح ان هادي بات عاجزا عن عمل شيء "خصوصا أنه عجز ليس فقط عن كسب قيادات حزبه العليا إلى صفه طوال فترة حكمه السابقة لأكثر من ثلاث سنوات، بل وأيضا لكونه بات وحيدا بعدما فقد مؤخرا حلفاؤه الأقوياء من الأطراف السياسية الأخرى نتيجة تساهله الواضح مع جماعة الحوثي في معاركها العسكرية الأخيرة التي تمكنت خلالها من فرض سيطرتها وسطوتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، بمساعدة ودعم الرئيس السابق".
في منتصف نوفمبر الماضي كشف موقع "المصدر أنلاين" عن وثيقتان وجههما هادي وصالح إلى مصرف أهلي توصي الأولى باعتماد توقيع هادي فقط في أي من العمليات المصرفية, فيما أوصت وثيقة من صالح باعتماد توقيع عارف الزوكا الذي اختاره أنصار صالح في المؤتمر أميناً عاماً بديلاً لهادي.
وجاء في الوثيقة التي وجهها هادي إلى بنك اليمن والكويت توجيه بـ "عدم الصرف والتحويل من حساباتنا لديكم أو إجراء أي تعديل عليها أو إضافة توقيعات إلا بموافقة خطية من قبلنا".
وحمل هادي في الوثيقة المؤرخة في التاسع من نوفمبر الماضي بنك اليمن والكويت مسؤولية مخالفة توجيهه.
في المقابل, خاطب رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح إدارة المصرف نفسه باعتماد توقيع عارف الزوكا ليكون التوقيع الأول للسحب من حساب المؤتمر الشعبي العام.
وورد في رسالة صالح أن اللجنة اجتماع اللجنة الدائمة يوم السبت الماضي قد قضى بانتخاب الزوكا أميناً عاماً للمؤتمر "وعليه يتم اعتماد توقيعه كتوقيع أول للسحب من حسابات المؤتمر الشعبي العام طرفكم بدلاً عن الأمين العام السابق".
قيادات الجنوب تثور على صالح!
وعقدت قيادات حزب المؤتمر في مدن جنوبية اجتماعين منفصلين، أعلنا فيه التعامل مباشرة مع الرئيس عبدربه منصور هادي كأمين عام للحزب، ورفضها التعامل مع جناح صالح.
وأعلنت قيادات حزب المؤتمر في محافظات (عدن، لحج، أبين، الضالع)، خلال اجتماع لها بمدينة عدن، استمرار التعامل مع الرئيس عبدربه منصور هادي كنائب اول في الحزب، والأمين العام له، بعد قرار صالح بإقالته.
كما أكدوا في بيان لهم رفضهم ما أسموها بـ"الإجراءات التي تمت في دورة اللجنة الدائمة الرئيسية المنعقدة في تاريخ 8 نوفمبر 2014م بصنعاء والتي قضت باستبعاد عبدربه منصور هادي النائب الأول للمؤتمر الشعبي العام، وعبدالكريم الإرياني النائب الثاني للمؤتمر الشعبي العام من منصبيهما، بما يخالف نص المادة (26)، من النظام الداخلي للمؤتمر فقرة (4)".
كما أعلنت قيادات المؤتمر في شبوة ، إنهم يرفضون القرار الذي اتخذ باستبعاد هادي النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام .
وقال بيان صادر عن الاجتماع إن "إقالة هادي والإرياني قرار يتعارض مع المادة السادسة والعشرون الفقرة الرابعة من النظام الداخلي للمؤتمر الشعبي العام والتي تنص صراحة على ان يتم انتخاب نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام من المؤتمر العام".
تهديدات قادة المؤتمر بالجنوب، دفعت الرئيس السابق "صالح" إلى دفع بقيادات مقربه له، في محاولة لاحتواء التصدع الذي سببه اقالة الرئيس هادي والارياني من قيادة الحزب، لكن محاولات تلك القيادات باءت بالفشل، بعدما رفض مئات من قيادات المؤتمر في الجنوب كل المحاولات، وطالبوا بالتراجع عن القرار الذي وصفوه بالباطل، وهددوا باتخاذ إجراءات تصعيدية.
وبعث "صالح" وفداً برئاسة وزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي إلى عدن خلال الفترة الماضية، لبحث تداعيات التهديد الذي توعدت به القيادات الجنوبية في حزب المؤتمر اليمني والتي تنحاز إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حد ما أورده الموقع.
و خلصت اللقاءات في عدن إلى رفض القيادات الجنوبية في حزب المؤتمر حضورها المؤتمر العام الثامن للحزب.
ويستميت صالح في البقاء على رأس المؤتمر الشعبي العام كآخر منبر سياسي له. ولعل المفارقة الأعجب ، هي تنازع الرجلين قيادة الحزب ، بينما كلا شرعيتهما منتهية أصلا إذ أنه كان من المفترض أن يعقد الحزب انتخاباته الداخلية في العام 2009 ولكن لم يحدث ذلك مطلقا.
ولا يبدو أن هناك اتفاق لحلحلة الأزمة داخل حزب المؤتمر، الذي يتجه إلى وضع مجهول في ظل الصراعات بداخله، اضافة إلى الاتهامات الموجهة له بدعم الحوثيين في سيطرتهم على المدن.