الرئيسية > اخبار وتقارير > 48 عاماً من الاحتراق.. الأقصى يبحث عمّن يطفئ نيرانه

48 عاماً من الاحتراق.. الأقصى يبحث عمّن يطفئ نيرانه

مرت ثمانية وأربعون عاماً والمسجد الأقصى ما يزال يحترق، تحتضر أركانه وتتصدع باحاته، والهيكل المزعوم يكتمل، في حين يدرك الإسرائيليون أن الرد العربي لن يخرج عن حدود الإدانة والاستنكار، وهو ما كان فعلاً بعد مضي 48 ساعة منذ الحريق الأول عام 1969.

و21 من أغسطس/آب عام 1969 تاريخ لن ينساه المسلمون؛ إذ شب حريق ضخم في الجناح الشرقي للجامع القبلي لتلتهم النيران محتويات المسجد الأقصى كاملة.

منذ ذلك الحين، يكتظ الأقصى بالمستوطنين الإسرائيليين والوافدين الأجانب، ويضيق بأهل بيت المقدس، فيُفرض فيه تقسيم زماني ومكاني، ويعتلي الجنود أسطحه ويدنسون باحاته. وتحل الذكرى وسط تصاعد في هجمات المستوطنين تجاه المسجد، والتي لم تجد حتى اللحظة أحداً يوقفها.

- تفاصيل الحريق

في ذلك التاريخ، أقدم اليهودي من أصل أسترالي مايكل دينيس روهان على إحراق الأقصى؛ إذ أشعل النيران في المسجد، فأتت ألسنة اللهب المتصاعدة على أثاث المسجد المبارك وجدرانه ومنبر صلاح الدين الأيوبي، كما أتت النيران الملتهبة على مسجد عمر بن الخطاب، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب نحو جهة الشمال، داخل المسجد الأقصى.

وتجاوزت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى ثلث مساحته الإجمالية؛ إذ احترق ما يزيد على 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع، وأحدثت النيران ضرراً كبيراً في بناء المسجد وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، كما سقط عمودان رئيسان مع القوس الحاملة للقبة التي تضررت أجزاء منها أيضاً، لا سيما قسمها الداخلي المزخرف، إلى جانب المحراب والجدران الجنوبية.

وتحطمت إثر الحريق 48 نافذة من نوافذ المسجد المصنوعة من الجص والزجاج الملون، واحترق السجاد العجمي وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.

وألقت شرطة الاحتلال القبض على الجاني مايكل دينيس روهان وقدمته للمحاكمة، لكن القضاء عمل على تبرئته على الرغم من اعترافه، وذلك بحجة أنه مجنون، ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة!

وفي مطلع عام 1969، أزال الاحتلال حي المغاربة بكامله، وهدم العديد من المساجد والمدارس الإسلامية التي تأسست في عهد الدولة الأموية. ومنذ الاحتلال الإسرائيلي الكامل لمدينة القدس عام 1967، هدمت سلطات الاحتلال جميع الأبنية الإسلامية والأثرية الواقعة حول الأقصى؛ بهدف تغيير وإزالة المعالم الإسلامية في المدينة.

- الدعم والرد العربي

أحدثت جريمة إحراق الأقصى فوضى في العالم، وفجرت موجة مظاهرات واحتجاجات غاضبة في أرجاء العالم الإسلامي. وفي اليوم التالي للحريق، أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك؛ احتجاجاً على الحريق.

وعلى المستوى الرسمي، شجب قادة وزعماء العرب والمسلمين هذه الفعلة، وسارعوا للاجتماع في العاصمة المغربية الرباط؛ لبحث كيفية الرد على الجريمة، ونتج عن المؤتمر إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي حالياً)، والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، وذلك بناء على اقتراح من العاهل السعودي الراحل، الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.

وبعد حرق المسجد الأقصى، رفعت سلطات الاحتلال حالة التأهب، متوقعةً رداً عربياً يوازي حجم الجريمة التي ارتُكبت بحق القِبلة الأولى، لكن كالعادة يكتفي الموقف الرسمي العربي والفلسطيني بالإدانات والاستنكارات والدعم المالي دون السياسي.

آخر ذلك كان إعلان نائب المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الجامعة العربية، مهند العكلوك، أن فلسطين ستتقدم بمشروع قرار للدورة القادمة لمجلس وزراء الخارجية العرب أوائل سبتمبر/أيلول المقبل، لزيادة موارد صندوقي الأقصى والقدس بالجامعة العربية بنحو 500 مليون دولار، توضع في البنك الإسلامي للتنمية ومقره مدينة جدة؛ لتعزيز دعم المقدسيين ومواجهة الأحوال الصعبة بالقدس.

وقال في حديث صحفي، قبل عام، إن فلسطين تأمل أن تستجيب الدول المانحة، وفي مقدمتها السعودية ودول الخليج والجزائر، للمطلب الفلسطيني؛ لدعم صمود الفلسطينيين في القدس لمواجهة محاولات إسرائيل لتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً.

- واقع فلسطين والقدس

حدود فلسطين عام 1967 تمثل 22% من مساحة فلسطين التاريخية، ولا تشمل هذه المساحة القسم الغربي لمدينة القدس، وتطالب السلطة الفلسطينية بالقسم الشرقي فقط من المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية؛ وهو الأمر الذي ترفضه حركة "حماس" وفصائل المقاومة، وتؤكد ضرورة أن تكون المدينة المقدسة كاملة عاصمة لفلسطين.

وفي الفيديو أدناه، ستشاهد مراحل استيلاء الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية على مر السنوات؛ ما يدل على أن النكبة لم تتوقف في مايو/أيار 1948... النكبة مستمرة.

وتشكل القدس "الكبرى" أو "الموسعة" من حيث المساحة أضعاف مساحة ما يدعى بـ"القدس الشرقية". وللتعريف بالقدس وفق هذا المصطلح، تجدر الإشارة إلى تحولات واقع المدينة على امتداد عقود من الزمن.

فعقب حرب 1948 واتفاقية الهدنة الإسرائيلية-الأردنية في 3 أبريل/نيسان 1949، توزعت أو تقسمت المساحة الكلية للقدس، التي بلغت آنذاك نحو 19331 دونماً، إلى ثلاث مناطق؛ هي:

1. المنطقة الإسرائيلية: أو ما دعي بـ"القدس الغربية"، مساحتها 16261 دونماً؛ أي نحو 84.12% من مساحة القدس.

2. المنطقة العربية: أو ما دعي بـ"القدس الشرقية" التي خضعت للحكم الأردني بعد توحيد الضفتين: الشرقية والغربية لنهر الأردن، ومساحتها 2220 دونماً، نحو 11.48%.

3ـ المنطقة الدولية: وهي منطقة منزوعة السلاح من القدس، وضعت تحت سيطرة الأمم المتحدة وتبلغ مساحتها 850 دونماً؛ أي نحو 4.39% من مساحة القدس.